للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا:

له مَلَكٌ يُنادِي كُل يَوْمٍ ... لِدُوا لِلمَوْتِ وابنُوا لِلخَرابِ (٢)

ومعلومٌ أَنَّ المُرادَ به العاقبةُ، لا أَنّهم يلدونَ للموتِ ويبنونَ للخَراب، لكنهم لَما ولَدُوا مَنْ يَموتُ وبَنوا ما يَخْرُبُ، سُمُوا بذلك في الحال لتحققهِ في مُستقبلِ الحالِ.

فلو سَلِمَ لكم ما ادعَيْتم في تلك الآيات، ثَبَتَ لنا ما نُريدُ من إِثباتِ المجَار بهذه الآياتِ، وانعدمَ مذهبُكم، لأَنَ وجودَ ذلك في كتاب الله سبحانَه، ولَو في آيةٍ واحدةٍ، يبطلُ به مذهبكم لأنكم تدّعونَ النفيَ على الإطلاقِ.

على أنَا لا نتركُ ما ذكرتُموه على الآياتِ بل نُبطلُه بعونِ الله:

فأمَّا قولُكم: القريةُ مجمعُ النَاسِ وجمعُهم. فإن كانَ هذا هو الأصلَ فنُحاجُّكم بقولهِ: {حَتَّى إِذَا أَتَيَا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَمَا أَهْلَهَا} [الكهف: ٧٧]، فتراه أراد به: حتى إِذا أتَيَا جمعاً مَن النَاسِ استطعما أهلَ ذلك الجَمْعِ، وهل للجمعِ أهل؟ وذِكْرُ الأهْلِ مرتين يدلُّ على أنَّ المرادَ بالقريةِ البُنْيَانُ الذي يسكُنهُ الجَمْعُ، لذلك قال: أهلَها.

وأمَّا قولُهم: وأشرِبوا في قلوبِهم عينَ العجلِ وبُرادتهِ، فَهَبْ أنَّ البُرادَةَ تبِعتِ الماءَ فشرِبُوه، أوَصَلَ العِجلُ إلى قلوبِهم عجلاً أم تكونُ


= فإن يكن القتل أفناهمُ ... فللموتِ ما تلدُ الوالده
ونَسبه المفضَّل بن سلمة (في كتاب الفاخر)، لشُتَيم بن خويلد الفزاري.
انظر "خزانة الأدب" ٩/ ٥٣٣.
(٢) تستشهد به كتبُ الترغيب والترهيب، دون أن تنسبه لقائل معيَّن.

<<  <  ج: ص:  >  >>