للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحت هذا الاختلافِ للأصوليين مذاهبُ مبْتَدَعةٌ تتفرعُ عنْ قَوْلِهم بالنقلِ، فإِنَهم لَمَّا قالوا: بأن الِإيمانَ اسم لأعمال وتَرْكُ أفعالا وأقوالٍ، أوجبَ أصْلُهم سَلْبَ اسمِ االِإيمانِ عَن تاركِ الأعمالِ، ومُرْتَكِب المَناهي، فَسَلَبَتْهُ المعتزلةُ اسمَ الإِيمانِ، ولم تدْخِلْة فى الكُفْرِ، بل جعلتْه على منزلةٍ بَيْنَ منزلتين، مع بقائهِ على الأصلِ اللُّغوي، وهو التصديقُ، وسَلَبَتْهُ الخوارج اسمَ الإيمانِ وأكسبتْهُ اسمَ الكفْرِ، وحُكِيَ عن الحَسنِ (١) أنَّه سَمَّى الفُسَّاقَ باسمِ النَفاقِ، قال أحمدُ فيه: كان يُعَظم الذنوبَ، وقال في الخوارجِ؛ وقد سُئلَ عنهم: هَلْ هُم كُفَار؟ فقالَ: مارقةٌ، اتِّباعاً منهُ للحديثِ المرفوع: "يَمْرقُون من الدينِ كمروقِ السهمِ من الرمية" (٢)، وعلى عليه السلاَمُ لما سُئِلَ عنهم نفى عنهم الكفرَ والنَفاقَ، واختبطتْ هذهِ المذاهب التي أثْبَتَتْ النقلَ غايةَ الاختباطِ، فبعضهم جعلَ نَفْلَ الطاعاتِ وفرضَها، من


(١) هو أبو سعيد الحسنُ بن أبي الحسن يسار البصري، مولى زيدِ بن ثابت، سيّد أهلِ زمان علماً وعملاً، ومن كبار التابعين، حيث أدرك عثمان وطلحة وروى عن المغيرةِ بن شعبة، وسمرة بن جندب، وابن عباس، وأنس بن مالك وغيرهم من الصحابة رضوان الله عليهم، وخرَّج له الجماعة. توفي بالبصرة سنة (١١٠) هـ.
انظر ترجمته في:
"طبقات ابن سعد" ٧/ ١٥٦، "طبقات الفقهاء" للشيرازي ص (٨٧)، و"تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٦٣، "تذكرة الحفاظ"١/ ٦٦، "وسير أعلام النبلاء" ٤/ ٥٦٤.
(٢) قطعةٌ من حديث على بن أبي طالب الذي أخرجه أحمد ١/ ٨١ و ١١٣ و١٣١، والبخاري (٣٦١١) و (٥٠٥٧) ومسلم (١٠٦٦)، وأبو داود (٤٧٦٧)، =

<<  <  ج: ص:  >  >>