ينبغي أن تستدلوا بهِ على نفيِ نقلِ شيءٍ منهُ عن العربيةِ، إلى ما ليس منها ولا من وَضْعِها، وأجمعت الأمةُ قاطبةً على أن الله لم يَبْعَث محمداً صلى الله عليه وسلم إلا باللغةِ العربيةِ، ولا أنْزَلَ كتابَه إلا بالعربيةِ، فدعوى نقلِه عنها، أو نقلِ بعضِه أمر يحتاجِ إلى دلالةٍ صالحةٍ للنسخِ، لأنَ النقلَ مِن لغةٍ إلى لغةٍ، أكثرُ من النَقْلِ من قِبْلَةٍ إلى قِبْلةٍ، ومن سجودٍ إلى ركوع، وما شاكَلَ ذلك من هيئاتِ التعَّبداتِ.
ولو كان قد نقلَه الله من لُغتِهم إلى غيرِها، لبينهُ النبى - صلى الله عليه وسلم - بياناً شافياً، ولو بينهُ كذلك، لنُقِلَ إلينا نقلًا متواتراً، كما نُقِلَ كلُّ ناسخٍ لمنسوخ، وكل ما نُقِلَ إليهِ من الأفعال، كما نُقلَ مَسحُ الخُفينِ بعد إيجاب غَسلِ الرجلين، والجمعةُ رَكعتانِ في وقتِ الظهرِ التي هي أربعُ، وكما نُقِل قصرُ الصلاةِ في السَّفرِ بعد تمامِها في الحضِر، بل الهمة بكلامِ الله، وبيانُ نقلهِ عن وضعِ اللغةِ العربيةِ، من عباداتٍ وأحكامٍ وعقودٍ، أشدُ وأكَثرُ منَ الهمَّةِ بنقلِ همه في فعل أو مقدارِ فعل متعبدٍ به، فهذه دعوى عظيمة تحتاجُ إلى نقل يكشفُها، ودليل يوازيها ويصلحُ لها، وإذا لم نجدْ، فالتمسكُ بما أخبَرَ الله سبحانَه من كونِ كتابهِ عربياً، ولسانِ نبيه عربياً، واجبٌ لا يجوزُ الميلُ عنهُ والتسهيلُ فيه، أولا تراهم كيف شحوا بأن يغيروا التابوتَ من التاءِ إلى الهاءِ، ونافسوا في ذلك من لغةِ هُذيلٍ إلى لغةِ قُريش، فَمُذْ ظهرت فنقلتْ عنهُ المُشاحةُ في تغييرِ حرفٍ من لغةٍ عربية إلى لغةٍ عربية أيضاً، تمسكاً بلغةِ قريش، حيث كانَ النبى منهم، يعلمون أنَ في القرآن منقولًا عن أصل اللغةِ العربية إلى وضع آخرَ، ولا يكشفوَنه ويتلونه كشفاً ونقلًا يليقُ به! فلما كان النَبى - صلى الله عليه وسلم -، وهو المُخاطبُ بإيجاب البيانِ