للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَشاءَ اللّه، وسألتُ عنه فقيل لي: هذا أبو العَلَاءِ التَّنُوخِيّ من بَيْت العِلْم والقَضَاءِ والثَّرْوَة والغَنَاء (a).

قُلتُ: ذِكْرهُ لهذه الحِكايَة أنَّها كانتْ بأنْطَاكِيَةَ لا يَصِحُّ، فإنَّ أنْطَاكِيَة اسْتَوْلَى عليها الرُّومُ وانْتَزعُوها من أيْدي المُسْلمِيْن في ذِي الحِجَّة سنَة ثمانٍ وخَمْسِين وثَلاثِمائة، ووُلِدَ أبو العَلَاءِ بعدَ ذلك بأرْبَع سِنِين وثلاثة أشْهُر، وبقيَتْ أنْطَاكِيَةُ في أيْدي الرُّوم إلى أنْ ماتَ أبو العَلَاء بن سُلَيمان في سَنَة تِسْعٍ وأرْبَعين وأرْبَعِمائة وبعده إلى أنْ فَتَحها سُليْمانُ بن قُطَلْمش في سَنَة سَبعٍ وسَبْعِين وأرْبَعِمائة، فكيف يُتَصَوَّر أنْ يكونَ بها خِزَانَة كُتُبٍ وخَازِن عَلَويّ وهي في أيْدِي الرُّوم، ويُشْبه أنْ تكون هذه الوَاقِعَةُ بكَفَرْ طَاب أو بغيرها، وقد يتصحَّف كَفَرْ طَاب بأنْطَاكِيَة، وابن مُنْقِذ أبو المُتَوَّج مُقَلَّد بن نَصْر بن مُنْقِذ كان من أقْرَان أبي العَلَاء، وكانت له كَفَرْ طَاب فيُحْتمل أنْ يكون ذلك كان معه، واللّهُ أعْلَمُ.

وقَرَأتُ في كتاب جِنَان الجِنَان، ورباض الأذْهَان، لابن الزُّبَيْر المِصْرِيّ ما يُناسب هذه الحِكايَة، قال ابنُ الزُّبَيْر (١): حَدَّثَني القَاضِي أبو الفَتْح مَحْمُود ابن القَاضِي إسْمَاعِيْل بن حُمَيْد الدِّمْياطِيّ، قال: حَدَّثَني أبي، قال: حَدَّثَني هِبَةُ اللّه بن مُوسَى المُؤيَّد في الدِّين، وكانتْ بينَهُ وبينَ أبي العَلَاء صَدَاقَةٌ ومُرَاسلَةٌ، قال: كُنْتُ أسْمَعُ من أخْبَار أبي العَلَاء وما أُوتيَهُ من البَسْطة في عِلْم اللِّسَان ما يَكْثُر تَعَجُّبي منهُ، فلمَّا وصَلْتُ المَعَرَّة قَاصِدًا للدِّيَار المِصْرِيّةِ لم أقَدِّم شيئًا على لقائهِ، فحضَرتُ إليه، واتَّفَق حضُور أخي معي، وكُنتُ بصَدَد أشْغَالٍ يحتاجُ إليها المُسَافِر فلم أسْمَح بمُفَارقته والاشْتغال بها، فتحدَّثَ معي أخي حَدِيثًا باللِّسَان الفَارِسِيِّ، فأرشَدْتُه إلى ما يَعْمله فيها، ثمّ عُدْتُ إلى مُذَاكَرَة أبي العَلَاء، فتجارينا الحَدِيْثَ


(a) الأصل: والعناء، ولا يوافق المُراد.

<<  <  ج: ص:  >  >>