للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَرأتُ بخَطِّ الإمَام أبي طَاهِر أحْمَد بن مُحَمَّد الأصْبَهَانِيّ: سَمِعْتُ الشَّيْخ أبا الطَّيِّب سَعيدَ بن إبْراهيم بن سَعيد الأنْدَلُسِيّ يَقُول: سَمِعْتُ عبد الحَلِيم بن عَبْد الوَاحِد بسَفَاقُس يقول: قَدِمَ بعضُ أهْلِ الأدَب من المَشْرِق إلى إفْرِيقِيَّة، فسَألهُ الحَسَنُ بن رَشِيْق عن أبي العَلَاء المَعَرِّيّ، وقال: أنْشِدني شَيئًا من شِعْره، فأنْشَدَهُ القَصِيدَةَ الّتي أوَّلُها (١): [من البسيط]

منْكَ الصُّدُودُ ومنِّي بالصُّدُودِ رِضَى … مَنْ ذا عليَّ بهذا في هَوَاكِ قَضَى

فلَمْ يَرتَضِ هذا المَذْهَب من الشِّعْر، واسْتَلَانَهُ، وعَزَم على هجائِه، فهَجَاهُ، ثُمَّ أنْشَدهُ بعْدُ بعضُ أحد الأُدَبَاء ممَّن جاء من المَشْرِق أيضًا (٢): [من البسيط]

هَاتِ الحَدِيْثَ عن الزَّوْرَاء أو هِيْتَا … ومُوْقدِ النَّارِ لا تَكْرَى بتَكْرِيْتَا

فقَطَّع ما عَمِلَ فيه من الهَجْو، وقال: لو أخْرج أبو العَلَاء يَدَهُ من المَعَرَّة وصَكَّ ابن رَشِيْقٍ صَكَّةً لردَّهُ إلى الزَّابِ من حيثُ جاءَ، وكان رَشِيْق أبوهُ مَمْلُوكًا رَبِيَ بالزَّابِ.

أخْبَرَنا أبو مُحَمَّد عبد الله بن عَبْد الجَبَّار بن عبدِ الله العُثْمانيّ في كتابهِ، قال: سَمِعْتُ الشَّيْخ الإمَام الحافِظ السِّلَفِيّ، رَحِمَهُ اللهُ، إمْلاءً من لَفْظه ومن كتابهِ، قال: سَمِعْتُ أبا المَكَارِم عَبْد الوَارِث بن مُحَمَّد بن عَبْد المُنْعِم الأسَدِيّ رئيس أَبْهَر بأَبْهَر، وكان من أفْراد الزَّمان، يقُول: سَمِعْتُ رَشَاء بن نَظِيف بن مَا شَاءَ اللهُ المُقْرِئ الفَاضِل الكَبير بدِمَشْق يقُول: ما حَمَلَت الأرْضُ مثْل أبي العَلَاءِ المَعَرِّيّ في فَنِّه؛ وكان يَتَغالَى فيه، وكان قَدْ رَآهُ وقرأ عليهِ.


(١) سقط الزند ٢٠٨، وتاريخ الإسلام ٩: ٧٢٧.
(٢) سقط الزند ١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>