للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخْبَرَنا أبو القَاسِم عبد الله بن الحُسَين بن عبد الله بن رَوَاحَة قراءةً عليه، قال: أخْبَرَنا أبو طَاهِر أحْمَدُ بن مُحَمَّد بن أحْمَد السِّلَفِيّ إجَازَةً إنْ لم يَكُن سَمَاعًا، ح.

وكَتَبَ إلينا أبو القَاسِم عِيسَىَ بن عَبْد العَزِيْز اللَّخْمِيّ من الإسْكَنْدَرِيَّة، قال: سَمِعْتُ أبا طَاهِر السِّلَفِيّ، يقول: سَمِعْتُ أبا الزَّاكِي حَامِد بن بَخْتِيار بن جَرْوَان النُّمَيْرِيّ الخَطِيب بالشَّمْسَانيَّة - مَدِيْنَة بالخَابُور - يقول: سَمِعْتُ القَاضِيَ أبا المُهَذَّب عَبْدَ المُنْعِم بن أحْمَد بن أبي الرُّوْس السَّرُوجِيّ، يقول: سَمِعْتُ أخي القَاضِي أبا الفَتْح، يقول: دَخَلْتُ على الشَّيْخ أبي العَلَاء التَّنُوخِيّ بالمَعَرَّة ذات يَوْم في وَقْتِ خَلْوة بغَير عِلْم منهُ، وكُنْتُ أتردَّدُ إليهِ وأقرأ عليه، فسَمِعْتُه وهو يُنْشد من قِيْلِهِ (١): [مخلع البسيط]

كم غُوْدرَتْ (a) غَادةٌ كَعَابٌ … وعُمِّرَتْ أمُّها العَجُوْزُ

أحْرَزَهَا الوالدَان خَوْفًا … والقَبْرُ حرْزٌ لها حَرِيْزُ

يَجُوزُ أنْ تُبْطِئَ المَنَايا … والخُلْدُ في الدَّهْر لا يَجُوْزُ

ثُمَّ تأوَّه مَرَّاتٍ، وتلا قولَهُ تعالَى: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (١٠٣) وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ (١٠٤) يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} (٢)، ثمّ صَاح وبَكى بُكَاءً شَدِيْدًا، وطَرَحَ وجْهَهُ على الأرْض زَمانًا، ثمّ رفَع رأسَهُ، ومسَحَ وجْهَهُ، وقال: سُبْحَان مَنْ تكَلَّم بهذا في القِدَم، سُبْحَان مَنْ هذا كلَامُه! وسَكَت وسَكَن.

فصَبَرْتُ ساعةً، ثمّ سلَّمْتُ عليه، فَرَدَّ عليَّ وقال: يا أبا الفَتْح، متى أتَيْتَ؟ فقُلتُ: السَّاعَةَ، فأمَرَني بالجُلُوس، فجَلَسْتُ، وقُلتُ: يا سَيِّدَنا، أرَى في وَجْهكَ


(a) في الأصل: عودرت. معاهد التنصيص: بودرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>