للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال لهما: ما قُعُودكُم؟ وضَرَب طَبْلَهُ وسَار، وسَارُوا معهُ، فكَبَسُوا أصْحَابَ أبي الجَيْش بشَيْزَر.

قَرَأتُ في سِيْرة خُمَارَوَيْه بن أحْمَد بن طُوْلُون في نُسْخَة عَتِيقةٍ، ولم يسمّ مُؤلِّفها (١): أنَّ خُمَارَوَيْه لمَّا خَافَ أنْ يَضْطرب الشَّام، أنْفَذَ إليه جَيْشًا أمَّرَ عليهِ سَعْد الأَيْسَر، وأمَدَّهُ بأحمد بن مُحَمَّد الوَاسِطِيّ، كاتب أبيِهِ، ليُدَبِّر الجَيْشَ، ويتَولَّى النَّفَقَات فيهِ، وكان الوَاسِطِيّ يطمَعُ أنْ يُدَبِّر أمر خُمَارَوَيْه، وأنَّهُ يردّ تَدْبِير الأمْر إليهِ، وقال: هذا صَبِيٌّ حَدَثٌ أُدبِّرُهُ كما أرَى، فلمَّا أخْرَجَهُ إلى هذا الوَجْه، واسْتَكْتَب مَحْبُوبَ بن رَجَاء بعده، فَسَدَت نِيَّتُهُ، وقال: مَحْبُوبُ أحّدُ كُتَّابي يَتَصَرَّف بين أمْري ونَهْيي، آلَ الأمرُ إلى أنْ صرتُ بعضَ خُلَفائهِ، فتغيَّر على سَعْدٍ، وافْتَرَقا، وتغَيَّر الوَاسِطِيّ، وكتَب إلى ابن المُوَفَّق كِتَابًا يَحثُّهُ على المَسِيْر إلى مِصْرَ، وقال: أنا أَسَّسْتُ أمْرَ أبي الجَيْش، واللهِ لأهْدِمَنَّ ما كنْتُ بَنَيْتُه، وضمَّن الكتاب هذه الأبْيَات (٢): [من البسيط]

يا أيُّها المَلِكُ المَرْهُوبُ جَانِبُه … شَمِّرْ ذُيُولَ السُّرَى فالنَّصْرُ قد قَرُبَا

كَمَ ذا القُعُود ولم يقعُد عَدُوّكم … عن القِتَال لقَدْ أصْبَحْتُمُ عَجَبَا

ليسَ المُرِيْدُ لِمَا أصبَحْتَ تَطْلُبُه … ولا المُشَمِّرُ عن سَاق وإنْ لغبَا

لا تقْعُدنَّ عن التَّفْريط مُنْعَكفًا … واجْدُد فقَدْ قال قَوْمٌ: إنَّهُ رهبَا

فأنْتَ في غَفْلة يَقْظَانُ ذو سِنةٍ … وطَالِب الوتر ذو جدٍّ إذا طَلَبَا

أجادَ مَرْوَانُ في بَيْتٍ أصَابَ بهِ … عَيْن الصَّوَاب في أخْطا ولا كذَبا


(١) رجح الدكتور إحسان عباس أن تكون سيرة خمارويه لابن زولاق، وهو كتاب ذكره السخاوي منسوبًا لابن زولاق أيضًا. الإعلان بالتوبيخ ١٨٣، شذرات من كتب مفقودة ٢١٥.
(٢) الولاة للكندي ٢٣٤ - ٢٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>