للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُتَلثِّمٌ بعِمَامَةٍ، وتَمثَّل رَجُلٌ منَّا ببَيْتَيْن (١): [من الطويل]

لمَّا رَأتْ أنَّ الشَّريْعَةَ هَمُّها … وأنَّ البَيَاضَ من فَرَائِصِهَا دَامِي

تَيَمَّمَتِ العَيْنَ الّتي عندَ ضَارِجٍ … يَفِيءُ عليها الطَّلْح عَرْمَضُهَا طَامِي

فقال الرَّاكِبُ: مَنْ يقولُ هذا الشِّعْر؟ قال: امْرُؤ القَيْس بن حُجْرٍ، قال: فلا واللهِ ما كَذَب! هذا ضَارِجٌ عندَكُم، فحَبَوْنَا على الرُّكَبِ إلى ماءٍ كما ذَكَر: عليه العَرْمَضُ يَفيءُ عليه الطِّلْح، فشَرِبْنا رِيَّنَا، وحَمَلنا ما بَلَّغَنا الطَّريقَ. فقال النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ذاك رَجُلٌ مَذْكُورُ في الدُّنْيا، شَرِيْفٌ فيها، مَنْسِيٌّ في الآخِرة، خَامِلٌ فيها، يجيءُ يَوْمَ القِيامَة معه لِوَاءُ الشُّعَراء إلى النَّار.

ويقال إنَّ لبَيْدًا قَدِمَ المَدِينَة قَبْل إسْلَامه، فقال نَفَرٌ من قُرَيْش لرَجُل منهم: انهَضْ إلى لَبِيْدٍ فاسْأله أنْ يَسأل رسُولَ الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: مَنْ أشْعَرُ النَّاسِ؟ فنَهَضَ إليه فسألَهُ، قال: إنْ (a) شِئْت أخْبَرتُكَ مَنْ أعْلَمُهُم؟ قال: بل أشْعَرُهم. قال: يا حَسَّان أعْلمْهُ، فقال حَسَّان: الّذي يقُول (٢): [من الطويل]

كأنَّ قُلُوبَ الطَّيْر رَطْبًا ويَابِسًا … لدَى وَكْرِهَا العُنَّابُ والحَشَفُ البَالي

قال: هذا امْرُؤ القَيْس، فَمن الثَّاني؟ قال: يا حَسَّانُ، اعْلِمْهُ، قال: الّذي يقُول (٣): [من المتقارب]

كأنَّ تَشَوُّفَهُ بالضُّحَى … تَشَوُّفَ أزْرَق ذِي مَخْلَبِ

إذا سُلَّ عنهُ جلَالٌ له … يُقالُ سَلِيْبٌ ولم يُسلَبِ

قال لَبِيْد: وهذا له أَيضًا، فقال رسُول الله صَلَّى اللهُ عليه وسلَّم: لو أدْرَكْتُه لنفَعْتُه، ثمّ قال: معه لِوَاءُ الشُّعَراءِ يرم القِيامَة حتَّى يَتَدهْدَأ بهم في النَّار. فقال


(a) ساقطة من ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>