للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من فُنُون الرُّؤْيا، فيَقْبَلهم على ذلك، ويُقَرِّبهم، ويُنْجِح حَوَائجِهم، ويُوْصل إليهم مآربَهُم، ويَقْضي دُيُونهم، ويُدرُّ عليهم الإدْرَارَات والمَرْسُومات.

وحُكي عن بُعْض المُعْتَمَديْن أنَّهُ قال: حَاسبْتُ مع نَفْسِي وطالعْتُ الجَرَائِد، فبَلغَ ما قضَاهُ الصَّدْر من دُيُون واحدٍ من المُتَنَمِّسيْن المقبُولينَ عنده في مُدَّة سنيْن يَسِيْرة ثمانين ألف دِيْنار حُمْر، وكان صَادِقًا فيما حَكاهُ.

نَقَلْتُ من خَطِّ عِمَاد الدِّين أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِب، وأَنْبَأني عنه أبو الحَسَن مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر وغيره، قال: ومَنَاقِبُ نِظَام المُلْك أكْثَر من أنْ تُحْصَى، وحَكَى مَنْ أحْضَر مُحَاسبَة ابن أسمحا (a) اليَهُودِيّ بإحَالاته وتَوْقِيعَاته، فوَجَدَها في أشْهُر قد اشْتَملت على ثلاثين ألف دِيْنارٍ، ليسَ فيها تَوْقيع إلَّا لفَقِيْه، أو فَقِيْر، أو شَرِيف، أو لرَجُلٍ من أهْلِ بيتٍ.

أخْبَرَنا أبو هاشِم، قال: أخْبَرَنا أبو سَعْد، قال: سَمِعْتُ أبا الفَضْل مَسْعُود بن مَحْمُود الطَّرَازِيّ ببُخَارَى يقُول: سَمِعْتُ شَيْخَنا الحَسَن بن الحُسَين الأنْدَقِيّ يَحْكي عن عَبْد اللَّه السَّاوجِيّ أنَّهُ قال: كان الوَزِير نِظَام المُلْك اسْتَأذن السُّلْطان مَلِك شَاه في سَفَر الحَجِّ، فأَذِنَ له، وكان ببَغْدَاد، فعَبَر الدجلَة، وعَبَرُوا بالقُمَاشَاتِ والآلَاتِ، وضُرِبَت الخِيَامُ على شَطِّ الدِجْلَةِ، فكُنْتُ أرِيْدُ أنْ أدْخُل إليهِ يَوْمًا، فرَأيتُ على باب الخَيْمَة واحدًا من الفُقَرَاء يَلُوح منِ جَبِيْنه سيماءُ القَوْم، فقال لي: يا شَيْخ، أمَانَةٌ تُوْصلها إلى الصَّاحِب، قُلْتُ: نَعَم، فأعْطَاني رُقْعَةً مَطْويَّة، فدَخَلْتُ، ولَمْ أنْشُر الرُّقْعَةَ، وما نَظَرتُ فيها، وحَفِظتُ الأمَانَة، فوضَعْتُ الرُّقْعَة بين يَدِي الوَزِير فنَظَر فيها، فبَكَى بُكَاءً كَثِيْرًا حتَّى نَدمْتُ، وقُلتُ في نفسِي: لَيْتَني كُنْتُ نَظَرْتُ فيها، فإنْ كان شيءٌ يَسُوءُه ما دفعْتُه إليهِ، ثمّ قال لي: يا شَيْخُ،


(a) كذا رسمه في الأصل، وفي المنتظم لابن الجوزي (١٦: ٢٩٨) والكامل لابن الأثير (١٠: ١٨٦ - ١٨٧): أبو سعد بن سمحا اليهودي، توفي مقتولًا سنة ٤٨٥ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>