للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِظَامَ المُلْكِ أخَاهُ كان يَقُول: كُنْتُ أتَمَنَّى أنْ يكُونَ لي قَرْيَةٌ خَالِصَةٌ ومَسْجِدٌ أتَّخذ فيه لطَاعِة ربِّي، ثُمَّ بعدَ ذلك تَمَنَّيْتُ أنْ يكُونَ لي قِطْعَةٌ من الأرْض بشِرْبها، أتَقَوَّتُ برَيْعِهَا، ومَسْجِد أتَخَلَّى فيه لعِبَادَة ربِّي في جَبَل، ثمّ الآن أتَمَنَّى أنْ يكُونَ لي رَغِيفٌ كُلّ يَوْم، ومَسْجِدٌ أتَعَبَّد فيه لرَبِّي.

قال أبو سَعْد: قال وَالدِي رَحِمَهُ اللَّهُ: وسَمِعْتُه يَقُول: كُنْتُ لَيْلَة من اللَّيالِي عندَهُ وأنا على أحَدِ جَانبَيْهِ، والعَمِيْد خَلِيفَة على الجانب الآخرِ، وبجَنْب العَمِيْد خَلِيفَة فَقِيْرٌ مَقْطُوع اليَدِ اليُمْنَى، قال: فشَرَّفني الصَّاحِب بالمُؤَاكَلَة، وجَعَل يلحَظُ العَمِيْدَ خَلِيفَة كيفَ يُؤَاكل الفَقِيْر، قال: فتَنَزَّه خَلِيفَةُ من مُؤَاكَلَةِ الفَقِيْر لَمَّا رَآهُ يَأكُل بيَسَارِه، فقال لخَلِيفَة: تَحَوَّل إلى هذا الجانب، وقال للفَقِير إنَّ خَلِيفَة رَجُلٌ كَبِيرٌ في نَفْسه يَسْتَنْكفُ من مُؤَاكَلَتِكَ، فتقدَّم إليَّ، وأخَذَ يُؤَاكِلُهُ!.

وقال: قَرأتُ بخَطِّ الإمَام وَالدِي رَحِمَهُ اللَّهُ: سَمِعْتُ الفَقِيه أبا القَاسِم عَبْد اللَّه بن عليّ بن إسْحَاق الطُّوْسيّ يَقُول: دَخَل أَخي نِظَامُ المُلْك على الإمَام أبي الحَسَن الدَّاوُودِيّ، وقَعَد بينَ يَدَيْهِ، وتَوَاضَعَ له غايةَ التَّوَاضُع، فقال له الإمَامُ أبو الحَسَن: أيُّها الرَّجُلُ، إنَّ اللَّه سَلَّطَكَ على عَبِيْده، فانْظُر كيف تُجِيْبُه إذا سَألكَ عنهم.

قُلتُ: هذا أبو الحَسَن الدَّاوُودِيّ هو: عبد الرَّحْمن بن مُحمّد بنِ المُظَفَّر بن مُحَمَّد بن دَاوُد بن أحْمَد البُوْشَنْجيّ؛ كان من العُلَمَاء الأبْرَار، وهو يَرْوي كتاب البُخاريّ عن الحَمُّوِيّ.

قَرأتُ بخَطِّ أبي عَبْد اللَّه مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن حَامِد الكَاتِب، وأخْبَرَنَا أبو الحَسَن بن أبي جَعْفَر إجَازَةً عنه، قال: وكان نِظَام المُلْك من طُوْس، وأهْل طُوْسِ يُقال لهم في اصْطِلَاح النَّاس: بَقَر طُوْس، وكان للخِزَانَة صَائِغٌ يُقالُ له حُسَين، حَسَنُ الصِّناعَةِ في الصِّيَاغَة، قال: اسْتَدْعاني يَوْمًا نِظَام المُلْك، وقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>