للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان بالقُرْبِ منهُ، من جهة الشَّمَال إلى جانب سُور باب قِنَّسْرِيْن، قَبْر مُشْرِق بن عَبْد اللّه العَابِد الحَنَفِيّ، وكان فَقِيهًا حَنَفيًّا مُنْقَطِعًا في المَسْجِد الجَامِع، وكان قَبْرهُ يُزَار ويُتَبَرَّك به، وزُرْتُهُ مِرارًا مع والدي رَحِمَهُ اللّه، فلمَّا حرَّر المَلِكُ الظَّاهِر خَنادِق حَلَب، ووُضِعِ التُّراب على المَقَابِر حُوِّلَ قَبْر مُشْرِق العَابِد من مَوضِعه، ونُقِلَ إلى سَفْحِ جَبَل جَوْشَن، وشاهدْتُه في المَوضِع الّذي نُقِلَ إليهِ، ولَوْح قَبْره الأوَّل عليه، وَسَنَذْكُره إنْ شَاءَ اللّهُ في مَوضِعه (١).

وفي المَسْجِد الجامع في الشَّرْقِيَّة من القِبْليَّةِ في العِضَادة الثَّانيَة المُلاصقَة لصَحْن الجَامِع في شمالي الشَّرْقيَّة مَوضع مُتَعَبَّد مُشْرِق العَابِد المذكور.

وأخبَرَني القَاضِي أبو مُحمَّد الحَسَن بن إبْرَاهِيمِ بن الخَشَّاب، قال: كان الخَطِيب أبو الفَضْل عَبْد الوَاحِد بن هاشِم يُصَلِّي بجامع حَلَب في الشَّرْقيَّة، ويتَعَمَّد الصَّلاة في هذا المَوْضِع المذكُور، فسَألتُهُ عن ذلك، فقال: كان أبي هاشِم يُصَلِّي أبدًا هَا هُنا كَثِيْرًا، وأخْبرني أنَّ الشَّيْخ مُشْرِق بن عَبْد اللّه العَابِد كان يُصَلِّي فيه، وأنّه رَأى النَّبِيّ صَلَّى اللّهُ عليه وسَلَّم في المنام يُصَلِّي ها هُنا.

وخَارج المَدِينَة، ممَّا يَلي القِبْلَة، مَقام إبْرَاهِيْم صَلّى اللّهُ عليه وسَلّم فِى الجَبَّانَة، وفي مِحْرَاب المَسْجِد حَجَرٌ قيل إنَّهُ كان يَجْلِسُ عليه، وفي الرّوَاق القِبْليّ الّذي يلي الصَّحْن صَخْرة نابِتَةٌ فيها نُقْرَة؛ قيل: إنَّه كان يَحْلب فيها غَنَمُه، وقد ذكَرنا ذلك فيما تقدّم (٢).

وفي المَشْهَد المذكُور في جهة الشَّمَال فيها قَبْر الإمام عَلاء الدِّين أبي بَكْر الكَاسَانِيّ الحَنَفِيّ، أمير كَاسَان، وقَبْر امْرأته فاطِمَة بنت شَيْخِه عَلاء الدّين السَّمَرْقنَدِيّ، وكانا من العُلَمَاء الصَّالِحين، وَسَنَذْكُرهما في هذا الكتاب (٣) إنْ شَاءَ اللَّهُ.


(١) ترجمته في الضائع من أجزاء الكتاب.
(٢) خبر ذلك في الباب الضائع من أول الكتاب، عنوانه "باب في تسمية حلب"، وقد ألْمعَ ابن العديم إلى هذا الخبر وموضعه في الباب المذكرر في أول هذا الباب.
(٣) تَرْجَمة الإمام الكاسانيّ في الجزء العاشر (الكنى)، وسقطت التَرْجَمَة الأخرى التي أحال عليها؛ إن كانت ترجمة زوجته فاطمة أو (والدها) شيخه علاء الدين السَمَرْقَنْدي.

<<  <  ج: ص:  >  >>