للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان يُحبُّ الشِّعْرَ ويَشْتَهيْه، ولم يكنْ له طَبْعٌ يَزنُهُ بهِ، فكان رُبَّما وقَعَ له المَوْزُون، ورُبَّما لم يتَّزِنْ فيُغني المُغَنِّى في الشِّعْر الّذي هُو عنهُ مَوْزُون ويَعْملُون ألْحانًا عليه، فَيُرَى أنّه جَيِّدٌ لمَّا غُنِي فيه، وليسَ كُلُّ مغَنّ يفهَمُ التَّقْطِيعَ والقِسْمَة، ولا يُغَنّي إلَّا بشعْرٍ صَحيح.

قال الصُّوْلِيّ: أنْشَدَني عبدُ الله بن المُعْتزّ للمعْتَمد ممَّا وَزنُهُ صحيح (١): [من المجتثّ]

الحَمْدُ للهِ رَبِّي … مَلَكْتُ مَالِكَ قَلْبي

فَصرْتُ مَوْلىً لملكِي … وصار مَوْلَىً لحُبِّي

قال: وهو القائل لمَّا أكْثرَ النَّاصِرُ لدِين الله (٢) نقلَهُ من مَكانٍ إلى مكان (٣): [من المتقارب]

أَلِفْتُ التَّبَاعُدَ والغُرْبه … ففي كُلِّ يَوْمٍ أطَأ تُرْبَهْ

وفي كُلِّ يَوْم أرَى حَادِثًا … يُؤدِّي إلى كَبدِي كُرْبَه

أمرَّ الزَّمانُ لنا طَعْمَهُ … فما لي تُرَى سَاعَةٌ عَذْبَه

قال: وممَّا قاله، وأنْشَدَنيهِ جَمَاعَةٌ، وبعضُ النَّاسِ يَنْحَلهُ إلى غيره، لِمَا في نفُوسِهم ممَّا كان يقَعُ له في الوَزْن (٤): [من الوافر]

بُلِيْتُ بشَادنٍ كالبَدْر حُسْنًا … يُعَذِّبُني بأنْوَاعِ الجَفَاءَ

ولي عَيْنان دَمْعُهما غَزيرٌ … ونَوْمُهما أعزُّ من الوَفَاءَ

قال الصُّوْلِيّ: وحَكَى عَبْدُ اللهِ بن خَرْدَاذْبَه أنَّهُ رأى هذين البَيْتَيْن بخَطِّ


(١) الأبيات في الديارات للشابشتي ٩٩.
(٢) هو أخوه: الخليفة أبو أحمد الموفق.
(٣) الأبيات في الديارات للشابشتي ٩٩، والوافي بالوفيات ٦: ٢٩٣.
(٤) الأبيات في الديارات للشابشتي ١٠٠، والوافي بالوفيات ٦: ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>