للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يخرجُ (١) عن دليل الخطاب (٢)؛ لأنَّ اللفظَ المرويَ على وجهين يقتضيان النفيَ والإثباتَ، لأنه قال: إنما. وإنما للحصر، والحصرُ إثبات ونفي، كقوله: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} [سورة النساء: ١٧١]، "إنما الولاءُ لمن أعتق" (٣)، {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: ٣٦]،وفي لفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم: "الا ربا إلا في النَّسيئة" (٤) فيكون تعلقُ ابنِ عباس بهذا دون دليل الخطاب.

فيقال: إن المحَتجَّ والمحَتجَّ عليهم جَمٌّ غفير وخلق كبير، وجرى بينهم في ذلك ما لو كان أمراً خارجاً عن اللغةِ لردّه السامعُ، ولما تعلَّق به المستدلُّ، وهم في اللغة مشتركون، وهي نقل لا مدخلَ للاجتهاد فيها. وإنما الاجتهاد في الأحكامِ، ولم نتعلّق نحنُ بمذاهبهم لكن باحتجاجهم.

وأمَّا (إنما) فهي للإثباتِ، والنفيُ مأخوذٌ من قبل الدليلِ لا الصيغةِ، والروايةُ التي تتضمّنُ الاستثناءَ.

وقوله: "لا ربا إلا في النسيئة" غيرُ معروفٍ في أصل، ولعل الراوي ظنَّ، أو حمل (إنما) على ذلك، فرواه بالمعنى (٥).

ومنها: أن قالوا: إنَّ قوله: اشترِ لي عبداً أسود، واضرب زيداً إذا أذنب. أن المعقولَ من ذلك إيقافُ الفعل على الشرط، وهو السوادُ في العبد، والذنبُ للضرب، فأمَّا نفيه، فإنه لم يكن للمخالفةِ بين السوادِ والبياضِ، والذنبِ والتوبةِ من جهة اللفظ، غير أنَّ شراءَ العبدِ الأبيضِ، وضربَ المذنبِ بعد التوبةِ بقيَ على حكمِ


(١) مكررة في الأصل.
(٢) انظر ماتقدم في الصفحة: ١١٥.
(٣) أخرجه أحمد ٦/ ٤٢، ١٧٥، والبخاري (١٤٩٣) و (٥٢٨٤)، و (٦٧١٧) و (٦٧٥١)، والنسائي ٥/ ١٠٧ - ١٠٨.
(٤) تقدم تخريجه في الصفحة: ٢٧٠.
(٥) انظر ما تقدم في الصفحة ٢٧٠ من بيان اختلاف روايات حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>