للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتلك الصفةِ وضدُّها عندها واحد، فإنها لا تقول: اشتر لي تمراَ بَرْنياً. والبَرنى والمعقليُّ عندها سواء، ولاتقول: اشترلي لحماً مشوياً. والمشوي والنيء عندها سواء.

على أنَ تعلق الحكمِ على بعضِ الأسماء لا يمنعُ تعليقَه بغيرها من الأسماءِ، ألا ترى أنه إذا أوجب الزكاة في الغنمِ، ثم أوجبها في البقرِ، لم يمنع تعلقها بالبقرِ تعلُّقَها بالغنمَ، وتعليقُ الحكمِ على أحدِ وصفي الشيءِ يمنعُ تعليقَه بضد ذلكَ الوصفِ، ألا ترى أنه إذا علَّق الزكاةَ على سائمةِ الغنمِ ثم أوجبها في المعلوفةِ، يخرج أن يكونَ الوجوبُ متعلَّقاً بالسائمةِ، وبقيت الزكاةُ معلَّقةً على الاسمِ وحده؛ ولأنَ تعليقَ الحكمِ بالاسم لا يقتضى تخصيص اسمٍ عامٍ، والتخصيصُ لا يكونُ إلا بما يقتضي المخالفَةَ، كالاستثناءِ والغايةِ، ولأنَ الاسمَ لا يجوزُ أن يكونَ علّةَ في الحكمِ، فتعلق الحكمِ عليه لا يقتضي المخالفةَ، والصفةُ يجوز أن تكونَ علةَ الحكمِ، فتعليق الحكمِ عليها (١) يَقتضي المخالفةَ.

ومنها: أن قالوا: لو كانَ تعليقُ الحكمِ على أحدِ وصفيِ الشيءِ ينفيه عما عُدِمَ فيه ذلكَ الوصفُ، لكانَ إذا قال: في سائمةِ الغنمِ زكاةٌ، كما يوجِبُ نفيَها عن المعلوفةِ يوجبُ نفيَها عن سائمةِ البقرِ والإبلِ؛ لأنَّ المعنى الذي يوجبُ نفيَ الزكاةِ عن العواملِ والمعلوفةِ هو تقييدُه بالسومِ، وكان يجبُ لما (٢) قيِّدَ بالغنم أن يوجِبَ نفيَ الزكاةِ عن غيرها من البقرِ والإبلِ.

فيقال: إنّا على ما نصرنا من أن الاسمَ كالصفةِ كذلكَ نقولُ لو لم يَرد نُطقٌ يخصُّ الإبلَ والبقرَ لإيجابِ الزكاة، وإنما ورودُ النطقِ لإيجابِ الزكاةِ في سائرِ الأنعامِ منَع من العملِ بدليلِ خطابِه في أصولها، ونفي دليل الخطاب في وصفها، وقد أشارَ إليه صاحبُنا أحمد رضي الله عنه لما سُئل عن حديث بَهزِ بن حكيم عن أبيه عن جدّه عن


(١) في الأصل: "عليه".
(٢) في الأصل: "كما".

<<  <  ج: ص:  >  >>