للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تراه كيف بين حكماً لم يُسأل عنه؟ وكجوابه بميتةِ البحرِ وما سُئل عنها، ولأنَه لو كان بياناً للجواب خاصَّةً لخصَّه به كما خصَ أبا بُردَة وأبا بَكْرة (١)، ولأنه باطل بنزوله على حادثةٍ، كالَلِّعان في العَجْلاني (٢)، وآياتِ القذف لقصة عائشة (٣)، وغير ذلك من أمثالِها نزلت لأجلِ حوادث ولا تختصّ بل تعمُّ، كذلكَ السؤالُ.

ومنها: أن قالوا: إن السبب هو الذي أثار الحكم فتعلَّقَ به، كالعلَّةِ، والعلّةُ لا تؤثر إلا بمعلولها خاصَةً، كذلكَ الجوابُ الذي أثارَ السبَب.

قيل: العلةُ مقتضية للحكمِ، ولهذا لا يدخلُ عليها ما لا يؤثرُ ولا يقتضي، ولو زيدتْ وصفاً كان حشواً، ولا يجوزُ أن تكونَ العلةُ أعمَ من حكمِها، فلو قالَ فيما يَستقلُّ: بطاهرٍ مائعٍ. لم يَجُز ولو قال فيما يستقل: بطاهرٍ جامدٍ. كان حشواً. وفي مسألتنا يُسألُ عن الماءِ، فيجيبُ عن الميتةِ مع الماءِ وعن أحكام كثيرةٍ (٤).

ومنها: أن تعديهُ من السببِ الذي وردَ عليه لا يؤمَنُ أنْ يكونَ مفسدةً، والظاهرُ بأنَّه لمّا خرجَ على السببِ الخاَصِّ أنَّه كان مصلحةً على ما وردَ عليه من السببِ الخاصِّ. (٥)

فيقالُ: إنَّ المصالحَ قد تكونُ منوطةً بالأشخاصِ والأزمانِ والأمكنةِ، والواحدِ دونَ العددِ الزائِد، ومع ذلكَ لم يقصره المخالفُ على الشحْصِ السائِل، ولا الوقت


(١) انظر ماتقدم في الصفحة ٤١١ من هذا الجزء.
(٢) هو عويمر بن أبيض الأنصاري العجلاني، أحد من نزلت فيهم آية اللعان كما في البخاري (٥٢٥٩)، ومسلم (١٤٩٢) (١)، و"الموطأ"٢/ ٥٦٦، و"مسند أحمد"٥/ ٣٣٦.
والمصنف رحمه الله ينسب قصة اللعان هنا للعجلاني، مع أنه نسبها في الصفحة (٤١٥) لهلال بن أمية، وقد نسبت القصة لكليهما، انظر "تفسير القرطبي" ١٢/ ١٨٣، و"تفسير ابن كثير" ٣/ ٢٦٥.
(٣) تقدم تخريج حديث الإفك في ٢/ ٣١.
(٤) انظر "العدة" ٢/ ٦١٣، و"التمهيد" لأبي الخطاب ٢/ ١٦٦.
(٥) انظر "العدة" ٢/ ٦١٣، و"التمهيد" ٢/ ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>