للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحكمُ، ونفي التشبيهِ الذي أوجَبه نصُّ الكتابِ ودليلُ العقلِ.

وأمَّا كونُه (١) سبحانه لم يجعلْه أعجمياً، عادَ إلى ما فيه [من] (٢) أحكام يجبُ العملُ بها، والمتشابِهُ وإن لم يُعْلَمْ معناه، فغيرُ (٣) المجملِ الذي ما أخلاهُ من تفسيرٍ، والذي لم يفسره، ولا أقدَرَهم على تأويلِه، لم يكلِّفْ فيه [إلا] (٢) الإيمان به جملةً، والتسليمَ للهِ سبحانَه في انفرادِه بعلمِ التأويلِ.

وأما قولُهم: إنَّه إذا لم يُبَيِّنْ معناهُ، أدَّى إلى إيهامِ التشبيهِ، وتعريضِ المكلفينَ للتضليلِ، فليس بصحيحٍ، لأنَّ تقديمه للمحكمِ، كالبيان للمتشابه، وما ذُكِرَ في أدلةِ العقول أيضاً من نفي التشبيه بيانٌ آخَرُ، فلا (٤) وجهَ لدخولِ التضليلِ إلاَّ على من أَهملَ النظرَ ولم يُحَقِّقْه، فالمنصوصُ قولُه سبحانَه: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١]، فلا يبقى بعد هذه اللفظة مساغٌ للتشبيه فيما (٥) جاءَنا في متشابِه الآيات من قوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص:٧٥]، {وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}

[طه:٣٩]، ولِمَا ثبت في العقلِ من أن المِثلَ يجوزُ عليه ما يجوزُ على مثلِه، فلا يجوزُ أن يُشْبِهه شيءٌ من خلقِه، لاستحالةِ الحوادثِ عليه سبحانَه، واستحالةِ ما يتطرقُ عليه، فوَكَلَ المشتبهَ من الآياتِ إلى الدلائِل المنصوصةِ والمعقولةِ.

وإذا وردَ في القرآن: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ} [الفجر: ٢٢]


(١) في الأصل: "وآمنا به".
(٢) ليست في الأصل.
(٣) تحرفت في الأصل إلى: "مفيد".
(٤) في الأصل: "لا".
(٥) في الأصل: "فما".

<<  <  ج: ص:  >  >>