للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{يَوْمَ يَأْتِ لَا تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [هود: ١٠٥]، فأوهم أنَّه يزولُ وينتقلُ، أزالَ هذا التوهُّمَ عن المجيء المضافِ إليه، والإتيانِ الواقعِ عليه: قولُه سبحانه: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (٧٥)} [الأنعام: ٧٥]، {فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي} الى قوله {فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ} [الأنعام: ٧٦]، فأبان عن الأفولِ، وهو الغروبُ بعد الطلوع: أنه يخرجُ عن صفةِ القِدَمِ والإلهية (١)، وقامَ دليلُ العقلِ: أنَّ [من] (٢) يتحركُ وينتقلُ، وخارجٌ من حالٍ إلى حال، محدَثٌ.

وأزال الإشكالَ في ذكرِ خلقِ آدم باليدين بقولِه: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٥٩)} [آل عمران: ٥٩]، فجمعَ بين آدمَ وعيسى في كونهما "بِكُنْ"، فقد بانَ مرادُه بذكرِ اليدين، فلا يبقى للتضليلِ بهذا اللفظِ وجهٌ، ولا يضِلُّ على اللهِ مع دلائِل كتابِه، والعقولِ التي مَنَحَها (٣) لخلقِه، إلا ضالٌّ عانَدَ أدلَّةَ اللهِ في أمرِه ونهيِه، وتجاهَلَ مع إمكانِ علمِه.

ولئن جازَ أو وَجَبَ (٤) أن يُنفَى عن اللهِ سبحانَه ما هذا سبيلُه، من حيثُ أورثَ شبهةً، جاز أن يُنفى عن اللهِ، بل يجبُ أن يُنْفَى عنه من الأفعالِ: إيلامُ الأطفالِ، ومنعُ القَطْرِ مع قدرتِه عليه، وحاجةِ الخلقِ إليه، وإباحةُ ذبحِ الحيوانِ البَهِيم، والاصطيادِ له من أَوْكارِه، ومشارعِ


(١) في الأصل: "الاهية".
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) في الأصل: "نتجها".
(٤) في الأصل: "أوجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>