للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مياهه (١)، وتفريقِ ما بينه وبينَ المَزْقوقِ (٢) من فراخِه، والمُرْضَع من سخالِه، إلى أشباهِ ذلك وأمثالِه من تسليطِ الآلامِ والأمراضِ والأَسقامِ على سائرِ الحيوان، فإنَّ ذلك قد أدَّى إلى التضليلِ طلباً لتبرئةِ اللهِ عن الظلم:

فهذا يقولُ بالتناسخ، لتقعَ الآلامُ جَزاءً لا ابتداءً.

وطائفةٌ جعلت الآلامَ، وجميعَ المضارِّ، والمُضرَّاتِ من الحيوانِ، كالسِّباع والحيَّاتِ، من فاعلٍ شريرٍ، وهي الظلمةُ.

وقومٌ جعلوها (٣) من إبليس، فنَفوا التوحيدَ؛ لاختلافِ الأفعال وتضادِّها.

وقومٌ أثبتوا تكليفَ البهيمِ، وجعلوا لكل نوعٍ رسولاً من نوعِه.

وتفرقت الأقاويلُ بأنواعِ الضلالِ والتضليلِ.

ولكن حسُنَ ذلكَ ولم يكن تضليلاً، لمَّا نَصَبَ اللهُ سبحانه من

الدلائِل على حكمتِه، بما ظهر للعامي، وبطَنَ لخواصِّ العلماءِ من

حكمتِه، بإحكامِ صنعته، وإتقانِ خلقِه، كما قال سبحانه: {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (٢٠) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (٢١)} [الذاريات: ٢٠ - ٢١]، وقوله: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ


(١) في الأصل: "مياهيه".
(٢) هو الطائر الصغير الذي يعتمد على إطعام أُمِّه له، من الفعل زقَّ، والزقُّ: إطعام الطائرِ فرخَهُ. "القاموس": (زق)، وقد وقع في الأصل: "الزواق".
(٣) في الأصل: "جعلها".

<<  <  ج: ص:  >  >>