للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقيمُه لأمرِ اللهِ، أو تسليمٍ لأمرِ الله إن عجزَ عن التأويلِ، يجبُ أن يستعملَه في إبقاءِ (١) بابِ المتشابِه من الكلام خلال المحكَم، فالنَّاسُ قائلان:

قائلٌ قال بالمصالح، ولا شكَّ أنهُ يجوزُ أن يكونَ في طَيِّ هذا مصلحة.

وقائل يقول بالمشيئةِ المطلقةِ، فيكون ذلكَ بمشيئته المطلقة. فلا وجهَ لإنكارِه على كلا المذهبين، لا سيَّما وهو الذي مكَّنَ الشيطانَ من الإلقاءِ في تلاوةِ الأنبياءِ، فجعلَ ما يلقي الشيطانُ فتنة ضلَّ بها الكفارُ، وتأوَّلها الأبرار، وقال: {وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ} [الإسراء: ٦٠] , وأراه دخول مكةَ، والتسلُط على أهلِها (٢) فصُدَّ عن البيتِ، وصالحَ على ذلك الأمر الذي ظهرتْ فيه استطالةُ المشركين، من محو اسمِه من الرسالةِ في المقاضاةِ (٣)، وَرَدِّ من جاءَهُ مؤمناً،


(١) في الأصل: "إلقاء".
(٢) يريد بذلك الإشارةَ إلى الرؤيا التي أخبرَ الله تعالى عنها بقوله: {لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ..} [الفتح: ٢٧].
(٣) ورد هذا في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كتبَ عليّ بن أبي طالب الصلح بينَ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب: هذا ما كاتبَ عليه محما رسول الله، فقالوا: لا تكتبْ رسولَ الله، فلو نعلَمُ أنَّكَ رسولُ اللهِ لم نقاتلك، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعلي: "امحُهُ" فقال: ما أنا بالذي أمحاه، فمحاهُ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بيده. =

<<  <  ج: ص:  >  >>