للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جَلَّ ذكرُه مما لا يجوزُ عليه، أو إفسادِ الخطابِ والتكليفِ، وإذا كان ذلك كذلك، ولم يرِد سمعٌ من جهة الله سبحانه بالمنع من ذلك، لم يكن لإحالته والمنع منه معنى، مع عدم إحالةِ العقل له (١).

فإن أعادوا ما قدموا؛ من أن فيه تجهيلَ المكلفِ، فقد سبق الكلامُ عليه.

ومنها: الدلالة على مَنْ منعَ ذلك في الخبر بقوله تعالى: {وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [يونس: ١٣] وشُرِحَ: قَرناً (٢) بعد قرن، فلو أنَّه سبحانه قال: فاحذروا عقابي إن خالفتم أمري، فإنني عاقبتُ بني إسرائيل، وأطلق. ثم إنَّه بيَّن أنه إنما عاقب من خالف منهم، وعصى أمره سبحانه، وكذلك لو عمَّ بلفظِ الوعيد كل عاصٍ مخالفٍ لأمره، ثم إنه بين أن الوعيد إنما يلحقُ من أصرَّ، ولم يَتُبْ مِن ذنبه، أو توعَّدَ (٣) المصرّين، وبين أنَّ قوماً يدخلون الجنَّة بشفاعةِ الشافعين، لم يكن في هذا إحالةٌ في العقلِ، ولا مفسدةٌ، ولا تغييرٌ لقانون الشرع.

فإن قيل: بل فيه أمران من الفساد:

أحدهما: أنَّه تجويزُ الكذبِ، وذلك قبيح، فتجويزُ القبيح على


= على ألسنة المتكلمين والفلاسفة. انظر ما تقدم في ١/ ١٦ في الحاشية.
(١) في الأصل: "العقل له والسمع"، ولفظة: "السمع" حشو لا داعي له؛ لتقدمها في السياق، لذا حذفتها.
(٢) في الأصل: "قرن".
(٣) في الأصل: "تواعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>