للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإعلامُ والبيانُ بمدةِ ذلك الحكم، متى ينسخ، ومتى يرفع أو يُغَيَّر؛ فقد جازَ تأخير بيانِ الحكمِ بالنسخِ، وإن لم يجز تأخيرُ أصلِ بلاغِ (١) الحكم للأمة.

ومنها: أنَّه لو جازَ تأخيرُ البيان، لم يُؤْمَنْ على النبي - صلى الله عليه وسلم - حصولُ الاخترامِ (٢) قبل بيانه، وذلك مما يعطلُ ذلك الحكمَ الشرعي، وما أفضَى إلى تعطيلِ المشروعِ، لم يجز أَن يكون مَشروعاً، لِمَا فيه من تضييع الغَرَض، وخُلُوِّ الأمرِ بذلك الحكم من فائدة، وذلك من العيب الذي لا يجوزُ على الله سبحانه، ولا يحسن بالحكماء من خلقه.

فيقال: هذا تعليقٌ باطلٌ من وجوه:

أحدها: أن هذا ينبني على أصلٍ، وهو (٣) أنَّه سبحانه يجوزُ أن ينسخَ العبادةَ المأمورَ بها قبل وقت فعلها، والنسخُ رفعٌ لذلك الحكم، وإعاقةٌ عنه، فلا فرقَ بين الإعاقةِ باخترامِ السفير - صلى الله عليه وسلم - قبل بيان المجمل الذي أنزِلَ، وبين نسخِ المأمورِ به قبل وقتِ فعله المعيقِ عن فعله، وسيأتي الكلام إنْ شاء الله في هذه المسألة في فصول النسخ بما فيه غنى وكفاية، لكن نقدم ها هنا بحسب ما يليق بالكلام، فنقول:

إن الله سبحانه [لو] اخترمَ نبيَّهُ قبلَ البيانِ، علمنا أنه سبحانه لم يُردْ بإنزالِ الأمرِ بالمجملِ إلا ما يَحصلُ من بلاغه لذلك المجملِ،


(١) في الأصل: "ببلاغ".
(٢) يقال: اخترمته المنية، أي: مات."القاموس": (خرم).
(٣) في الأصل: "و".

<<  <  ج: ص:  >  >>