للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليها، فقيل: إذا أنا قمتُ فصلِّ، وإذا قَعَدْتُ فصدِّقْ، أو إذا قمتُ فقُمْ، وإذا قعدْتُ فاقْعُدْ، فأمَّا وجودُ صورة صامتة، فمن أيِّ وجهٍ تكونُ استدعاءً؟!

وأمَّا الوجوبُ، فأبْعَدُ، فيمتنعُ من حيثُ امتنعَ النَّدبُ، لأنَّ في الإيجابِ طلباً واستدعاءً، وزيادةَ -هي الحَتْمُ-، فإذا امتنعَ حصولُ الاستدعَاءِ بمجردِ الندبِ من صورةِ الفعلِ، فأَوْلى أنْ يمتنعَ الاستدعاءُ الحتمُ الواجبُ.

وإذا لم تعطِ الصورةُ حكماً من الفعلِ لغيرِ الفاعلِ - صلى الله عليه وسلم -، جِئْنا إلى حكمِ الفعلِ في حقَه، فوجدناه متردِّداً بين أنْ يكونَ وجِدَ منه امتثالاً لأمرِ ندب، أو لأمر إيجاب، أو فَعَلَهُ ابتداءً من نفسه؛ فلا طريقَ إلى القولِ بأنه أمر لنا، لأجل ما ذكرنا من عدمِ الاستدعاءِ، وترددِ الفعل لو ثبت أنه مُسْتَدْعىً منه - صلى الله عليه وسلم - فضلاً عن أن يكون مُوجِباً، فلم يبقَ إلا الوقفُ.

فيقال: إنَكم لو لحظتم الاستدعاءَ، لوجدتموه في كتاب الله تعالى؛ [كقوله] {وَاتَّبِعُوهُ} [الأعراف: ١٥٨]، {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} [النور: ٦٣]، {قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِوَاذًا} [النور: ٦٣] الحاصلُ منه: أنكم لا ينبغي أن تخرجوا من مجلسِه وهو جالسٌ إلا بإذنه، فهذا سَمْعٌ (١) يُعطي: وجوبَ اتباعه في أفعالِه وأقوالِه، فإن لم يكن في صورةِ فعلِه استدعاءٌ ولا طلبٌ (٢)، كانَ الطلبُ من هذهِ الآي أن نأتيَ بمثلِ ما يأتي به من التعبدات، والاستدعاءُ


(١) في الأصل: "يسمع".
(٢) في الأصل: "طلباً".

<<  <  ج: ص:  >  >>