للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمصالحُ مختلفةً.

فإن قالوا: إنَّما اتبعنا؛ لأنَّ نسخاً لم يَرِدْ بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

قيل: والنسخُ أيضاً لم يرد فيما جعلناه من شرائعهم مُتَبَعاً، فلا فرقَ بينهما.

ومنها: أن قالوا: لو كان شرعُهمِ شرعاً (١) لنا لوجبَ أن تُتَبعَ كتبُهم، ويُستعلمَ عن أحكامِ شرائِعهم، وتُتَفهَّمَ معانيها ممَّن أَسْلمَ منهم للثِّقةِ به، ولا يُنْتظَرَ الوحيُ في حكمٍ، إلا أن يَرِدَ نسخ، فنَتبِعَه، كما لَزِمَنا ذلك في شريعتنا، فلمَّا لم يَلْزَمْنا ذلك، بطلَ دعوى الاتباعِ لشرائعهم.

فيقال: إنَّما يلزمُ من أحكام شرائِعهم [ما ثبتَ] بطريقِ شرعنا، وهو ما أوحيَ إلى نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - ونُقل الينا عنه، ونحن نتبعُ ذلك ونعملُ به، ونتفهمُ معانيه، فأمَّا استعلامُنا لما عندَهم، فلا وجه له؛ لأنَّهم لو ابتدؤونا بالإعلامِ، وقصُّوا علينا قصص أنبيائهم، ما سمعنا منهم، لِمَا ثبت من كذبهم، وفسقهم، وعنادهم لنبينا - صلى الله عليه وسلم -، وأمَّا من آمن منهم، فلا ضبطَ له بما بُدِّل، مما لم يُبدَّل، لا سيَّما بعد ما جرى من بُخْتِ نَصَّرَ، وقتل حفاظ التوراة، فلم (٢) يبق منها ما يوثق بحفظه وبسطره.

ومنها: قولهم: إن شرائعهم على غايةِ الاختلافِ، فهذا يُبيحُ عَيْناً، وهذا يحظرها، وهذا يعظمُ زماناً ويحرمه، وهذا يُبيحُه ولا يُحَرِّمُه (٣) له، والاتباع فيما هذا سبيله لا يمكن.


(١) في الأصل: "شرع".
(٢) في الأصل: "ولم".
(٣) في الأصل: "يحترم له".

<<  <  ج: ص:  >  >>