للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دأبُهُ ومَشِيئتُه (١) سبحانَه في جميع الحيوانِ يتولى الأجنَّةَ في ظُلَم الأحشاءِ، بتولي التغذية، وإيصال الغذاءِ، فإذا ظهروا من بطونِ الأمهاتِ، سخرَ لهم القلوبَ للتربيةِ والتغذيةِ، فإذا نهضوا وكَلَهم إلى اكتسابِهم، فما الذي يبعدُ من فعلِه في التكليف؛ كذلك يتولى النُّصوصَ فيما لايتعدى العقلُ إليه، ويَكِلُهم في استخراج المعاني بالمقاييسِ الصَّحيحةِ عن الفطَرِ السَّليمةِ لتحصيلِ الأحكامِ من الحلالِ والحرام.

ومنها أن قالوا: وممَّا يدلُّ على إحالةِ التعبُّدِ بالقياسِ، أنَّه لو كانت المعاني المنتزعةُ من الأصولِ أدلةً على ثبوتِ الأحكامِ، وعللاً لها، لم يقف كونُها أدلًةً على ورودِ شيء يتصلُ بها، وحمعِ يُوقِفُ على كونِها أدلةً، كما أنَّ أدلَّة العقلِ لايقفُ كونُها أدَّلةً على شيءٍ سواها، ولا معنىً ينضمُّ إليها، ولا يدلُّ عليها. فيقال: إنها وإن كانت عللاً، فليست عللاً حقيقة ومعنىً، نفى (٢) الحقيقة عنها أنها ليست موجبةً للأحكامِ لأنفسِها وأجناسِها وما هي عليه من الصِّفاتِ من ذواتِها، وإنما تصيرُ أدئة بالوضع والتوقيف، وكذلك وقفُ كونِها على المسمَّى أو الحكمِ بالوضع أو التوقيفِ، وكذلك وقف كونها دليلاً على جعلِ السَّمع لها أدلّةً، فسقط ما قالوه.

ومنها أن قالوا: ومما يدلُّ على إحالة التعدية، أنَّه لوصحَّ أن نُدرِكَ


(١) في الأصل: "سببه".
(٢) في الأصل: "نعنى".

<<  <  ج: ص:  >  >>