للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصوابٍ؛ إِذ لا وَجْهَ لتر الصَّوابِ إِلى مِثْلِه.

ومنها: أَن قالوا: لو كان الحقُّ في واحدٍ، لَمَا ساغَ لأَحدٍ من العوامِّ أَن يُقلِّدَ أَحداً من العلماءِ إِلا بعدَ الاجتهادِ وتَحَرِّي الصوابِ، فلما جازَ للعامِّيِّ تقليدُ مَنْ شاءَ منهم، عُلِمَ تساوِيهم في الصوابِ؛ لأنَّ الشَّرْعَ لا يُخيَر إِلاَّ بينَ مُتساوِيَيْنِ؛ كتَخْيِيرهِ بين الأَعيانِ في كَفاراتِ التخييرِ.

والجوابُ: أَنَّ مذهبَنا في ذلك مُختلِفٌ، فلا نسَلِّم أَنَّ العامِّيَّ يُقلِّد مَنْ شاءَ، بل يُقلِّدُ الأَعْلمَ، ويكون (١تعويلُه في الأَعلمِ على من أَشارَ إليه ١) أَهلُ العلمِ بأَئة الأَعلمُ، والصحيحُ عن صاحبِنا؛ ما تَكاثَرَتْ به الرِّواياتُ (٢) عنه: أَنَّه دَلَّ على حِلَقِ الدنيِّين بجامع (٣) الرّصافةِ.

وقال لبعضِ أَصحابِه: لا تَحْمِلِ الناسَ على مذهبِك.

ورُوي: أنَّه أستَفْتاه إنسانٌ، فقال: سَلُوا عبدَ الوهَّابِ. ورُوي: أنَّه أَحالَ بالفَتْوى على أَبي ثَوْرٍ.

فعلى هذا إِنما يجوز له تقليد مَنْ لا يُخالِفُ الحقَّ، فنقول له: قَلِّدْ عالِماً بشَرْطِ أَن لا يُخالِفَ النًصَّ.

على أَنَّا لو مَنَعْنا العامِّيَّ أَن يُقلِّدَ إِلا مَن مَعَه الصوابُ، لم يَجِدْ إلى معرفةِ ذلك سبيلاً؛ إِلاَّ بأَن يَتعلمَ الفِقْهَ، ويَعْرِفَ الأَدلَّةَ، وفي إيجابِ ذلك


(١ - ١) غير واضح في الأصل.
(٢) انظرها في "العدة" ٥/ ١٥٧١ - ١٥٧٢.
(٣) في الأصل: "لجامع".

<<  <  ج: ص:  >  >>