للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على كلِّ إحدٍ مَشقَّةٌ وفسادٌ؛ لوقوفِ المَعايشِ.

ومنها: أَن قالوا: لو كان الحقُّ في واحدٍ، والباقونَ على خطأٍ، لَمَا جازَ لبعضِهم أَن يُوَلِّي غيرَه القضاءَ مَعَ اعتقادِه أَنَّ الحقَّ والصَّوابَ معَه، وأَنَّ غيرَه على الخَطأِ؛ لأَنَّ المُوَلِّيَ للمُخطئٍ كالحاكمِ بالخطأِ؛ لأَنَّه يَعلَمُ أَنَّه إِنَّما يَحكُمُ بمذهبِه، ومذهبُه خطأٌ، وكما لا يَحِلُّ له الحُكْمُ بالخطأِ، لا يَحِلُّ له توليةُ مَنْ يَحكُمُ بالخطأِ.

والجوابُ: أَنَّ الله سبحانه حيثُ وَضَعَ أَدِلّةَ هذه الأَحكامِ، وَضَعَها وَضْعاً لا يُؤَدِّي إِلى قَطْعِ، بل جَعَلَها أَماراتٍ مُتَرَدِّدَةً بينَ إِصابةِ الحقِّ والخطأِ، وجعلَ بَذْلَ الوُسْع في الاجتهادِ (١. . . . . . . . . ١) هذا إذا صدق الاجتهاد (١. . . . . . . . . . . .١) بأَنه يُحدِثُ لكلِّ حادثةٍ اجتهاداً يكونُ معه ... فلسنا نُوَلِّيهِ ليُقلِّدَ، ولا ليَعمَلَ بمذهب غيرِه، ولكن بمذهب اعتقده واجتهد فيه، فعرفناه ط وعلمنا خطأَه، فوَلَّيْناه.

وعلى نظيرهِ (٢) جَعَلَ الشرعُ الوِلاياتِ، فقال: "إِذا اجْتهَدَ الحاكمُ، فأَخطأَ، فله أَجرٌ"، وإِذا كان خطأً مغفوراً لم يَمنَعْ، فكيف إِذا كان خطأً هو عليه مأجور؟! فإِذا جَوَّزَ الشَّرعُ توليةَ حاكمٍ مَعَ تَجْويزِ الخطأِ عليه؛ ثِقَةً بظاهرِ الإِصابةِ مع بَذْلِ الاجتهادِ، وشَهِدَ بأَن (٣) له على اجتهادِه مع


(١ - ١) خرم في الأصل.
(٢) في الأصل: "بصيرة"
(٣) في الأصل: "فإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>