للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خطأه أَجراً، لم يَمْنَع تَوْلِيتَهُ؛ تعويلاً على إصابةِ الحَقِّ، وعَفْواً عن الخطأ إِن لم يُؤَدِّهِ اجتهادُه إِلي الحقِّ، وأَصلْ العُذرِ فيه: ما قَدَّمْنا من أَنَّ الأَماراتِ المَنصُوبةَ على هذه الأَحكامِ عْيرُ مُوجِبةٍ للعِلمِ والقطْع.

ومنها: قولُهم: لاخلافَ أَنَّ المُجتهِدَ إِذا بَذلَ وُسْعَه فِى الاجتهادِ وطَلَبِ الحكْمِ، وَجَبَ عليه اعتقادُ ما أَدَّاهُ إِليه الاجتهادُ، ومتى تَرَكَ ذلك، أستحَقَّ الذَّمَّ، فلو لم يَكُنِ المأمورُ ما أَدَّاهُ اجتهادُه إِليه، لَمَا اسْتَحَقَّ الذَّمَّ على تركِه، وإِذا ثَبَت أَنَّ ذلك هو االمأمورُ، وجبَ أَن يكونَ حَقّاً وصواباً، لأن هذين الخَصمين على الحق.

والجواب: أنه لا يصحُّ منك دَعْواكَ وقد عُلِمَ إنكارُ المخالفِ لك في ذلك، ومنعُه منه، وإظهارُ الاحتجاج على فسادِه. وعنده أن هذا من مضائق التسويغ دون الحقِّ والصواب.

ولو سَلَّمْنا ذلك تَوْسِعةً للنَّظرِ، لم يتمَّ لك الدليلُ، لأنَّ الموجب لذلك إِنَّما يُوجِبُه بشَرْطِ السَّلامةِ (١ والصحة، فإذا أدّى إلي خلاف الحق، نسبناه ١) إِلى الخطأ، كما يجوزُ (٢ الرمي إلى الهدف بشرط السلامة ٢)، فإذا أَدَّى إِلى إتلافِ مالا يَمْلِكُ إِتلافَه، نَسَبْناه إلى التفريطِ، وعَلِمْنا خطأَه فيه.

ثم هذا يبْطُلُ بهِ، إِذا أَدّاه الاجتهادُ إِلا حكمٍ لا يَعْلَمُ أَنَّ فيه نَصّاً يُخالِفُ اجتهادَه، أَو كان وَرَدَ نسخٌ خَفِيَ عليه؛ فإِنَّه مَأمور بما أَدَّاه اجتهادُه إِليه، ولم يَدُلَّ ذلك على آنه حقٌّ وصوابٌ.


(١ - ١) خرم في الأصل، وما اثبتناه من "التبصرة" (٥٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>