للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال. هذا جميعُه لم يمنع اتجاهَ الأمرِ بالتوبةِ إليهِ، ومفارقةِ ما هو عليه بحسبِ إمكانِه، وإذا كانَ مأموراً، كانَ التخلُّصُ بكونِه متصرِّفاً في الدارِ مغفوراً، إذا كانَ تصرُّفُه للتخلُّصِ منَ الظُّلم، وإخلاءِ الدارِ من جثتِه، ولا يمكنُه ذلك إلاْ بشيءٍ يكونُ به مفرغاً (١) للدارِ عن جثَّتَه (٢)، وعن شغلِها بجسمِه، ولهذا لو طيَّبَ المحرمُ عضواً عَمْداً، كانَ عاصياً، فلو ندمَ، وجعلَ يغسلُ الطيبَ بيدِه قاصداً لإزالتِه، لم يُعَدَّ متطيِّباً، ولو غصبَ عيْناً منَ الأعْيانِ، ثم نَدِمَ، وشَرَعَ في حملِها على رأسِه معتذراً إليهِ بعدَ اعتذارِه إلى اللهِ، لم يخرج عنْ كونِه تائباً بذلك النقلِ، وإنْ كانَ تصرُّفاً، وكذلك إذا جعلَ يُرسلُ (٣) الصَّيدَ مِنَ الأَشْراكِ في الإحرامِ أو الحرمِ، كانَ بذلكَ طائعاً لا عاصياً، إلاّ أنَّ الضَّمانَ باقٍ إلى أنْ تحصلَ العينُ المغصوبةُ في يدِ المغصوبِ منه (٤)، ويحصلَ الصَّيدُ ممتنعاً بنفسِه طائراً في الفضاءِ، أو شارداً في العراءِ؛ لأنَّ الضَّمانَ لا يقفُ على الإثمِ، ولا يتبعُ الإثمُ الضمانَ بدليلِ المخطئِ والنًائمِ، وكذلك الرَّامي بالسَّهمِ إذا خرجَ السَّهمُ عنْ محلِّ قدرتِه، فندمَ، سقطَ المأثمُ، وبقيَ الضَّمانُ، وكذلك إذا جرحَ، وتابَ والجرحُ مارٌّ (٥)؛ إمّا إلى السِّرايةِ، أوِ الاندمالِ، صَحَّتْ توبتُه.


(١) في الأصل: "يعرعاً".
(٢) في الأصل: "حشيته".
(٣) في الأصل: "يسرسل".
(٤) في الأصل: "الغاصب".
(٥) في الأصل: "مارا".

<<  <  ج: ص:  >  >>