للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالترْبيةِ (١) والإكرام مدَّخرانِ ومُقْتنيانِ عندَ الولدِ ما يرجوان ويأملانِ عائدَته عليهما عندَ حاجتِهما الي الأولادِ، كما يَعتدَّانِ التربيةَ والإشفاقَ (٢ على الحيوانات بغية النفع بلحمانها وألبانها، ويعتدانِ ٢) التزيينَ واللِّقاحَ للشجرِ والنخِيلِ طلباً لعائدةِ النفع بثمارِها، وكما يَعتدَّانِ التداويَ وشربَ الشرباتِ في الفصولِ لصحَّةِ الأجسادِ، والاستعانة بأعمالِها على تحصيلِ النَّفقاتِ والموادِّ بأعمالِها وتصرفاتِها.

والذي يوضحُ أنَّ شكرَ اللهِ سبحانَهُ ليسَ منْ هذا القبيل لا عقلاً ولا شرعاً: أنَّ المضارَّ الصَّادرةَ عن (٣) القاصدِ بها، يحسُنُ الذم [عليها]، وأنها إذا صَدَرَتْ عنْ غيرِ قاصدٍ، قَبُحَ صرفُ الذمِّ إليه، كالحجرِ يَنكُتُ، والريحُ تغرقُ، والنارُ تحرقُ، وحرُّ الشمسِ يؤذي، وصوبُ المطَرِ في البدوِ يؤذي المسافرَ في نفسِهِ ورحلِهِ، وفي حضرِهِ في كِنِّهِ وبيته، وإلى أمثالِ ذلكَ، ولو ذمَّ ذامٌّ شيئاً لأجلِ الضَّررِ اللاّحقِ بهِ، لقَبَّح ذلكَ العقلاءُ، كما قبَّحوا شكرَهُ لما يحصلُ منَ الانتفاع بذلكَ، وعلةُ تقبيحِهم لذلكَ؛ لأحدِ أمرينِ، أَوْ لَهُمَا جميعاً: إمَّا لأنَّ هذهِ الأشياءَ لم تَقْصِدْ نفعاً ولا ضراً، على قولِ مَنْ نسبَ الفعلَ إليها مِنْ أهلِ الطبع، ومَنْ نسبَ الفعلَ إلى اللهِ سبحانَهُ مِنْ أهلِ التوحيدِ والشرع، أوْ لأنَّ الشَّكرَ لا (٤) ينتفعُ بهِ، والذم لايستضر بهِ، والشكرُ إنَّما يقعُ مقابلةً للمنافع، لأحدِ أمرينِ: إمَّا ليَقَعَ موقع التعويضِ،


(١) تحرفت في الأصل إلى: "بأكثر منه".
(٢ - ٢) ليس في الأصل.
(٣) في الأصل: "عند".
(٤) في الأصل: "ما لا".

<<  <  ج: ص:  >  >>