للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التي أزهقَتْ، فإن النفس استقلَّتْ بالبقاءِ مع ما سبقَ من الجَلَداتِ والضرَباتِ السابقةِ وإن كَثُرَتْ، وما وجدناها زَهَقَتْ إلا عَقِيبَ الجَلْدةِ الأخيرةِ وهي مما لا يوجبُ القَوَدَ، وصار ما سبقَ -وإن أعقبَ ألماً وايجاعاً- بمثابة المرضِ والكِبَرِ عندهم؛ فإنه لا يوجبُ القَوَدَ أيضاً، وذاك بمثابته، وطردوا البابَ في كلُّ شيءٍ يقتلُ بثِقَلِه.

وزعموا أن القياسَ في اشتراكِ الجماعةِ في إزهاق النفسِ بالجراحِ كذلك، وأنه لا يُبنى ولا يجبُ القوَدُ، وإنما صاروا فيه إلى قضيَّةِ عمرَ، وقولِه: لو تمالأَ عليه أهلُ صنعاءَ لأقَدْتُهم به (١).

وقالوا أيضاً في السكْرِ الحاصلِ عقيبَ القَدَحِ العاشر: إنه هو المسكِرُ.

واتفقوا على أن الجارحَ جراحةً لا تبقى النفسُ بعدها في مطَّردِ العادةِ يفرَد بإيجاب القَوَدِ وإن شاركَه غيرُه بجراحةٍ قد يعيش معها في مطَّردِ العادةِ.

والمحقِّقون ممن خالفَ أهلَ الرًاي في مسألة الأقداحِ يقولون: إن السكرَ الحادثَ عند القَدَحِ العاشر ليس به ولا لأجلِه خاصَّةً، بل تكاملَ السكرُ بالعاشر، وتَناشَأ بقَدَحٍ بعد قَدَحٍ، كما يتناشأُ الشِّبَعُ بلُقمةٍ بعد لُقمةٍ، ويتناشأُ الرِّيُّ بجرعةٍ بعد جُرعةٍ، ويتناشأُ الجَبْر في


(١) رواه مالك ٢/ ٨٧١، والشافعي ٢/ ١٠٠ - ١٠١، وعبد الرازق (١٨٠٧٣) و (١٨٠٧٤) و (١٨٠٧٥) و (١٨٠٧٦) و (١٨٠٧٧) و (١٨٠٧٩)، وابن أبي شيبة ٩/ ٣٤٧ و ٣٤٧ - ٣٤٨، والبخاري (٦٨٩٦)، والدارقطني ٣/ ٢٠٢، والبيهقي ٨/ ٤٠ - ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>