للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العُضْوِ المكسورِ أو المُوتَهنِ (١) بشدةٍ بعد شدَةٍ، ويتناشأ الغَضَبُ بكَلِمةٍ بعد كَلمةٍ، ويمتلىء الإِناءُ بَقطرةٍ بعد قطرةٍ، ويذوبُ الجسمانِ باحتكاكٍ بعد احتكاكٍ، ويحصلُ اليقينُ بتناصر دليلٍ بعد دليلٍ، ويحصلُ العلم القَطْعيُّ الضروريُّ بإخبارِ واحدٍ بعد واحد إلى حين تكاملَ العددِ.

وُيبيِّنُ ذلك: أنه لا يَحسُنُ لمن شرب جَرَّةَ ماءٍ على ظَمَأٍ جُرعةً فجُرعةً أن يقولَ: أَرْوَتْني الجُرعةُ. وإن حصل الري عندها -أَعني الأخيرةَ- وَيحْسُنُ أن يقولَ: أرْوَتْني الجرَّةُ. ولا يَحسُنُ أيضاً أن يقولَ: أذابت سيفي هذه الضَّربةُ، ولا ملأت سقائي هذه المَذْقةُ (٢). وَيحسُنُ أن يقال: غَرَّقَ السفينةَ هذا القفيزُ أو هذا السَّنْدانُ (٣).


(١) أي المصاب بَوهْن، وهو الضعف في العظم.
وقوله: "الموتهن" جاء به على سنن بعض أهل الحجاز؛ فإنهم لا يبدلون فاء الافتعال إن كانت واواً أو ياء أصلية تاء ويدغمونها في تاء الافتعال، ولا يلتفتون أيضاً إلى تخالف أبنية الفعل ياء وواواً، فيقولون في نحو: وعدو يسر: ايتَعَدَ وايتَسَرَ، وفي المضارع: يا تَعِد وياتَسِرُ -ولا يقولون: يَوْتَعِدُ ويَيْتَسِرُ؛ استثقالاً للواو والياء بين الياء المفتوحة والفتحة-، وفى اسم الفاعل: موتَعِدٌ ومُوتَسِرٌ، وفي الأمر ايتَعِدْ وايتَسِر.
والجادة في هذا ونظائره إبدال فاء الافتعال إن كانت واواً أو ياء أصلية تاء مدغمة فى تاء الافتعال، فيقال في نحو وهن ووعد ويسر: اتهَنَ واتَعَدَ واتَسَرَ، وفي المضارع: يَتَّهِنِ ويَتَعِدُ ويَتَّسِرُ، وفي اسم الفاعل: مُتَهِن ومتَعِدٌ ومتَسِرٌ، وفي الأمر اتَهِن واتَعِد واتَّسِر انظر "شرح الشافية" ٣/ ٨٠ - ٨٣.
(٢) المَذِيقُ: اللبن الممزوج بالماء، والمَذْقَة: الطائفة منه. "اللسان" (مذق).
(٣) السَّنْدان: هو ما يَطُرقُ الحدَّاد عليه الحديد. "المعجم الوسيط" (سند).

<<  <  ج: ص:  >  >>