إثباتِ ذاتِ العلمِ؛ وهو كونُ ذاتٍ ليست علماً تُوجِبُ كونَ العالِم عالماً، وهذا إثباتُ كونِ العالِمِ عالِماً بذاتٍ ليست عِلماً، أو نقولُ: بمعنىً ليس بعلمٍ، وأثبتوا الذاتَ الواحدةَ موجِبةً كونَ العالِم عالِماً، والقادرِ قادراً، والحيِّ حياً.
وأما تسويةُ العقلِ بين وجودِ الحياة والموتِ في الحَجَرِ، وبين وجودِ الجَمادِيَّةِ والعِلم فيه فثابتٌ (١) صحيحٌ على حُجةٍ؛ لأن العقلَ لا يُفرقُ بين ذلك لا في أولِ وَهْلَةٍ ولا بعدَ فِكْرةٍ، ومَنْ زعمَ أن الفرقَ بينهما: أن الحياةَ تُضاد الموتَ، وأن الجماديةَ لا تُضاد العِلمَ، فأجاز أحدَهما ولم يُجزِ الاَخرَ، فقد أخطا خطأً فاحشاً؛ لأنه إذا لم يَجُزْ أحدُهما لتَّضادِّ، لم يَجُزِ الاَخرُ للتناقضِ؛ لأن العقلَ يُسوَّي بين التناقضِ والتَضاد في أنه لا يَصح اجتماعُ الوصفين بهما، كما أن العقلَ يُسوَّي بين تَضاد السوادِ والبياضِ على المَحَل الواحدِ، وبين تَضاد الحياةِ والموتِ على الِإنسانِ الواحد، يُسوَّي بين التناقضِ في الجوهرِ إذا وُصِفَ بأنه موجودٌ معدومٌ، وبين التناقضِ فيه إذا وُصِفَ أنه متحركٌ ساكنٌ، وإن كانت إحدى الصَفتين لعلةٍ غيرِ الذَاتِ، وهي التحركُ والسكونُ، والأخرى ليست كذلك، وهي الوصفُ بأنه معدومٌ، فإنه أمرٌ يعودُ إلى ذاتِه، وموجودٌ أمرٌ يعودُ إلى ذاتِه أيضاً، لا وصفٌ يزيدُ على الذَّاتِ.
فصل
وكل معارضةٍ فلا بُد فيها من تسويةٍ بين شيئَيْنِ: أولٍ وثانٍ؛ لأن