للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

وأما القِسْمُ الثاني -وهو الخارجُ على سببٍ-: فمُنقسِم قسمين:

مُستَقل دون السبَبِ: كما رُوِيَ عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما قيل له: "إنك تَتَوضأ من بئرِ بُضاعَةَ، وهي تُطرَح فيها المحائضُ ولحومُ الكلاب وما يُنجي (١) الناسُ، قال: "الماءُ طَهُورٌ لا يُنجسُه شيء إلا ما غَير طعْمَه أو ريحَه" (٢)، فحكمُ هذا في استقلاله بنفسه حكمُ القولِ المُبتدإ، وقد سَبقَ بيانُه وانقسامُه.

وقد ذهب بعضُ الفقهاءِ من أصحاب الشافعي إلى أنه يُقصَرُ على السبب الذي ورَدَ فيه (٣)، وليس بصحيحٍ؛ لأنه سُئِلَ - صلى الله عليه وسلم - عن بئرٍ


(١) في الأصل: (يتنجى).
(٢) سبق تخريجه في الصفحة (٣٩) من الجزء الأول.
(٣) هو اختيار إسماعيل بن يحيى المزني، وأبي ثور إبراهيم بن خالد الكلبي، وأبي بكر محمد بن محمد الدقاق من أصحاب الشافعي كما عزاه اليهم غير واحد، بل إن إمام الحرمين نسبه إلى الإمام الشافعي نفسه، فقال في "البرهان": فالذي صح عندنا من مذهب الشافعي اختصاصها به. يعني: اختصاص صيغة العموم بالسبب الوارد بها، وتابعه على هذا النقل الرازي في "المحصول"، والأمدي في "الإحكام"، لكن حقق كثير من أئمة الشافعية أن الصحيح من مذهب الشافعي خلافه: وهو أن اللفظ العام المستقل بنفسه الوارد على سبب خاص من سؤال أو واقعة، يجب حمله على عمومه، كما نقل ذلك الزركشي في "البحر المحيط" -ورجحه- عن الشيخ أبي حامد، والقاضي أبي الطيب، والماوردي، وابن برهان في "الأوسط". والرازي في "مناقب الشافعي"، وذكر عن ابن السمعاني في" القواطع": أن عامة الأصحاب يسنده الى الشافعي. ورجحه أيضاً الإسنوي في "نهاية السول"،

<<  <  ج: ص:  >  >>