للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعترضُ، فتأمل كلَّ آيةٍ يدّعي فيها الإِجمال، فإذا وجدت فيها مثلَ هذا بَطل دعوى الِإجمال.

ورابعها: المشاركةُ في الدليلِ.

فيقرر السائل أن له في الآيةِ دلالةً من وجهِ، كما أن للمستدل دلالةً من وجهٍ، ولا يقعُ سؤالُ المشاركةِ إلا من مُسَلم وجهَ دلالةِ المستدل منها، فلا يحسن بعد قولِه: إنِّي مُشارك لكَ في الآيةِ، أو إنها مشتركة الدلالةِ بَيني وبينك. أن يأتي بالمطالبةِ، كما لا يحسنُ في القولِ بموجب العلَّةِ، أن يعقبه بالمطالبةِ، لأنَ القائلَ بالشركةِ مقر بالدلالةِ؛ لأن الَشركة في الدلالةِ أن يكونَ لكلِّ واحد من المستدلِ بها دلالةٌ، فإذا عادَ يقول: ما وجه الدلالةِ؟ كان بمثابةِ من ادُعي عليه دار في يديه، فقال: المدعي شريكي فيها. ثم عادَ يقولُ: أقمِ البينةَ على أنَ لك فيها حقاً. فإنَه لا يُعوَّلُ على مطالبته بعدَ إقرارِه بمشاركتهِ إياه في المِلكِ، ولا يحسنُ أن يتعقبَ دعوى المشاركةِ دعوى الإِجمالِ، فإن المشاركةَ إنما تكونُ بعد ثبوتِ الدلالةِ التي أقرَ بمشاركتِه فيها، وبعد الإِقرارِ بالدلالةِ لا تجوزُ دعوى الإِجمالِ؛ لأنَ المجملَ: ما لم يعقلْ معناه من نُطقِه، والدلالةُ لا تكون إلا بمعقولٍ؛ لأن الدلالَة مرشدةٌ، وكيف يُسترشد بما لايعقل؟

ومثالُ ذلك: استدلالُ الشافعي أو الحنبلي في النكاحِ بغير ولي بقولِه تعالى: {فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٢]، فلو لم يكن تزويجها إلى الأولياءِ، لما نهاهم عن العَضْلِ، إذ لا يتصورُ العضل عندهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>