للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقولُ الحنفيُ: لي في الآية مثلُ مالكَ، وهو قولُه: {أَنْ يَنْكِحْنَ}، فأضافَ النكاحَ إليهنَّ، فيدل ذلك أن لهن أن يعقدنَ، ونحن أرجحُ استدلالًا بها؛ لأن العقدَ إذا اطلقَ اقتضى العقدَ الصحيحَ، والعضلُ قد يكونُ بحق وبغيرِ حقٍ.

خامسُها: الاعتراضُ باختلافِ القُراءِ في الأيةِ، فيصيرُ كتقابُل اثنينِ أو روايتينِ في تفسيرِ الآيةِ، فيوقفُ الاستدلالُ بنا، قالَ بعض المشايخِ: وهي آكد من الخبرين (١)؛ لأن كلُّ واحد منهما يجوزُ أن يكون حقاً، ويجوزُ أنْ يكونَ باطلاً، والقراءتانِ نزلَ بهما القرآن، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "نَزل القرآنُ على سَبعةِ أحرفٍ" (٢) فلا يجوزُ على واحدة منها الخطأ، وإنما يبقى التأويلُ، فيقعُ فيه الترجيحُ، فالمُخَفصُ من ذلكَ أن نقولَ بهما إنْ أمكنَ ذلك، أو نرجحَ القراءةَ بنوع نقل، أو نُرجحَ القارىء بها لكونه الأعلمَ، أو أنَ الشواهدَ لها أكثر، أو أنَها توجب الاحتياط.

مثال ذلك: استدلالُ الشافعي أو الحنبلي في إيجابِ الوضوء لمن


(١) أي آكد من كلُّ من الخبرين الواردين بطريق الأحاد.
(٢) ورد في حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "أنزلَ القرآن على سبعة أحرف، والمراء في القرآن كفرٌ -ثلاثاً-، ما عرفتم منه، فاعملوا به، وما جَهلتم فردوه إلى عالمه". أخرجه أحمد ٢/ ٣٠٠، والطبري في "التفسير" ١/ ١١، وابن حبان في "صحيحه" (٧٤) و (٧٤٣)، وأورده الهيثمي في "المجمع" ٧/ ٥١، وابن كثير ٢/ ١٠ في" تفسيره" وقد صَححَ إسناده. وفي الباب عن ابن مسعود، وأُبي بن كعب.

<<  <  ج: ص:  >  >>