للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن ذلك أن تكونَ العِلَة التي عللَ بها تضادُّ عِلةَ الشرْع في الحكْم المعَللِ له، وذلك مِثْل أن يعلِّلَ الحنفيُّ جوازَ بَيْعِ الرُّطَبِ بالتَّمرِ بَأنه جِنْسٌ واحدٌ مكيل بيع بَعْضه ببَعْض على وَجْهٍ يتساويان في الكَيْلِ في حالِ العَقْدِ، فوجبَ أن يجوزَ كبَيْعِ التمْرِ بالتمْرِ (١)، فيقول الحنبليُّ أو الشافعيُّ:

هذه عِلةٌ تُضادُّ عِلَّةَ صاحب الشريعةِ - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال لمّا سئل عن بَيْعِ الرطَب بالتمْرِ، فقال: "أينقص الرُّطَب إذا يَبسَ؟ " فقيل: نعم، فقال: "فلاَ إذاً" (٢)، فهي فاسدة من حيث تضمنتَ اعتبارَ التساوي حالَ العَقْدِ، وإهمالَ ما يتجدد من التفاضلِ بعد العقد.

والجواب للحنفي في مِثْلِ هذا: أن يتكلم على الخَبَر بطَعْن أو تأويلٍ إن أمكَنَه (٣).


(١) انظر "التمهيد"٤/ ١١٣.
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" ٢/ ٤٨٥ من طريق زيد بن عيّاش. وأخرجه من طريق مالك: الشافعي في "الرسالة": ٣٣١ - ٣٣٢. وأبو داود (٣٣٥٩) وابن ماجه (٢٢٦٤) والنسائي ٧/ ٢٦٨ - ٢٦٩، والترمذي (١٢٢٥) وقال: هذا حديث حسن صحيحٌ والعملُ على هذا عند أهلِ العِلْمِ. وهو قولُ الشافعِّي وأصحابنا.
وقد أوفىَ الشيخ أحمد محمد شاكر- رحمه الله- على الغاية في الكلام على هذا الحديث في "الرسالة"، فانظر كلامه فإنه جَيد.
(٣) انظر "أصول السرخسي" ١/ ٣٦٧ و"إيثار الإنصاف": ٢٩٠، وممن نصر هذا الرأي ابن حَزْمٍ في "المُحلِّى" ٨/ ٤٦١ - ٤٦٢، وانظر "المغني" لابن قدامة =

<<  <  ج: ص:  >  >>