للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

ومن ذلك: الردُّ للقياسِ بأنَّ حُكْمَ الفَرْعِ ضدَّ حُكْمِ الأصْلِ.

مثالُ ذلك: إذا علَّلَ لسقوطِ القَوَدِ في القَتْلِ بالمُثَقَّلِ. فيقول الحنفي: إنَّها آلة تَقْتُلُ، فاستوى صغيرُها وكبيرُها كالمُحَدَّد.

أو علَّل الشافعيُّ في وُجوب، النيةِ في الطهارةِ بأنَّها طهارةٌ فاستوى جامدُها ومائِعُها في النِّيَّةِ كإزالةِ النجاسةِ (١).

فيقول المعترضُ مِن هؤلاءِ على هؤلاءِ ومن الآخرين على أُولئك: إنَّ هذا فاسدٌ، لأنَّه أَخَذَ حُكْمَ الشيء من ضِدِّه، لأنَّ الصغيرَ والكبيرَ في المُحَددِ يَسْتَويان في إيجابِ القَتْلِ، وهم يزيدون في الفَرْعِ تَساوي الخشبةِ الصغيرةِ والكبيرةِ والحجر الكبير والصغير في إسقاطِ القَتْلِ.

ويزيدُ أَصْحابُنا وأَصحابُ الشافعي بالاستواء في إزالةِ النجاسةِ في إسقاطِ النيةِ، وفي الفَرْعِ في إيجابِ النيةِ، فلا يجوزُ قياسُ الشيء على ضِدِّه، لأن مبنى القياس على التسويةِ والتشابهِ ويبعدُ تساوي حُكْمَى المتضادَيْن.

فالجوابُ أن يقول: إنَ حُكْمَي التسويةِ بين الصغيرِ والكبيرِ في الأصلِ والفَرْعِ، وهذا حكمٌ قد تساوى فيه الأصلُ والفَرْعُ، فلا علينا من تضادِّ غَيْرِهِ، فإنه ليس بحُكْم للقياسِ لكنه حُكمٌ شرعيٌّ اخرُ ليس من حُكْمِ العِلةِ في شَيْءٍ. ومِثْلُ هذا لا عِبْرَةَ به في باب الأدلةِ، ألا ترى أنك إذا قُلْتَ: إنَّ عيسى، كموسى في النبوَّةِ بدلالَةِ المعجزةِ،


= ٤/ ١٢، و"شرح معاني الآثار" ٤/ ٦.
(١) انظر "التمهيد" للكلوذاني ٤/ ١١٣ - ١١٤، و"المهذِّب" للشيرازي ٢/ ١٧٦، و"شرح معاني الآثار" ٣/ ١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>