للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالجوابُ: أنَّ هذا ليس مُمانعةَ الحكمِ في الأصْلِ، لأن الحُكمَ حاصلٌ بوجودِ الجَب والعُنةِ في الزوجِ، وكَوْنُ الجَب يتضمن معنىً لأجْلِهِ تَعلق الحكمُ به لا يمنعُ تعليقَ إلحكمِ عليه. وما ذلك إلا مثلُ تعليقِ المسحِ على الخُفين، وتعليقِ الرخَصِ على السفرِ وان كان المعنى في الاثنين ما تضمنا (١) من المشقةِ في الخَلعِ والسفرِ.

فصل

فإن مُونعَ الحكمُ في الاصل، ففَسرَ (٢) لفْظهُ بَتفسير مُسَلم لا تتناولهُ ممانعةُ المانعِ، مثلَ أن يستدل الحنفيُّ في أنَ الإجارةَ تبطل بالموتِ: بأنه عقد على مَنفعةٍ فبطلَ بالموتِ كالنكاح. فيقول الشافعيُّ أو الحنبليُّ: لا أسلمُ الحكمَ في الاصلِ؛ فإن النكاحَ لا يبطُل بالموتِ، وإنما ينقضي وينتهي بالموتِ، لأنه معقودٌ إِلى الموتِ، ولذلك استقر بالموتِ جميعُ المهرِ كما يستقر بالدخولِ.

فيقول المستدل: أريدُ بقولي: فبطل بالموت: أنَّه لا يَبْقى بعد الموتِ، وهذا مُسلمٌ. فيقولُ المعترضُ: إن زوالَ الحكمِ بتمام الشيء لا يُسَمى بُطْلاناً في اللغةِ ولا في الشرع، ألا ترى أنه لا يقالُ: بَطلت الإجارةُ إذا انقضت مُدتها، ولا بطلت الكتابةُ إِذا استُوفيتْ نُجومُها (٣)، ويقال ذلك إِذا تلِفت العينُ المسَتأجَرةُ قبل انقضاءِ المدةِ، وعَجز المُكاتَبُ قَبْلَ إيفاءِ النجومِ، وكذلك العبادات يقالُ عند تمامِها:


(١) في الاصل: "تضمنها".
(٢) في الأصل: "فقس".
(٣) النجوم: الوُقوتُ المضروبة. انظر "القاموس": (نجم).

<<  <  ج: ص:  >  >>