للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشراب (١) هكذا يكون وان اختلفت آنيتهم. ألا ترى أنه يقال: فلان يشرب مع فلان. فإن شرب الحالف من شراب وشرب الآخر من شراب غيره وقد ضمهما (٢) مجلس واحد فإنه يحنث؛ لأنه قد شرب مع فلان إلا أن يكون نوى حين حلف من شراب واحد. ألا ترى أنه لو قال: لا آكل مع فلان طعاماً أبداً، فأكلا على مائدة واحدة من طعام مختلف حنث.

وإذا حلف الرجل لا يذوق شراباً ولا نية له فذاقه بلسانه ولم يدخل جوفه منه شيئاً فإنه يحنث. والذوق ما أدخل فمه يريد أن يعلم ما طعمه إلا أن يكون عنى أن يدخله جوفه.

وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً فمضغ رمانة أو شبهها فمص ماءه ثم ألقى ما بقي لم يحنث؛ لأن هذا ليس بشراب. وكذلك لو حلف أن لا يأكله لم يحنث؛ لأن هذا ليس بأكل.

وإذا حلف الرجل لا يشرب الماء ولا نية له فشرب من الماء شيئاً قليلاً أو كثيراً حنث. وكذلك لو حلف أن لا يأكل الطعام فأكل منه شيئاً يسيراً حنث. وإنما معنى اليمين هاهنا أن يأكل منه شيئاً. وإن كان حين حلف إنما عنى الماء كله أو الطعام كله لم يحنث أبداً؛ لأنه لا يستطيع أن يشرب الماء كله ولا يأكل الطعام كله. وكذلك لو قال: لا أشرب شراب فلان ولا آكل طعام فلان. ألا ترى أنه لو قال: لا أذوق الماء، حنث إذا ذاق (٣) بعضه، إلا أن يكون عنى أن لا يشربه كله فإنه لا يحنث.

وإذا حلف الرجل لا يشرب شراباً فأكل عسلاً أو لبناً لم يحنث، وإن شرب واحداً منهما حنث؛ لأنه يسمي الشراب، فلا يقع ذلك إلا على ما يُشرَب (٤).

ولو حلف أن لا يذوق شراباً وهو يعني أن لا يشرب النبيذ خاصة


(١) ك ق: الشرب.
(٢) ق: ضمها.
(٣) م: إذا ضاق.
(٤) م: ما شرب.

<<  <  ج: ص:  >  >>