للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الشروط التي تفسد المزارعة والتي لا تفسدها]

قال محمد: وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً مزارعة على أن يزرعها سنته هذه ببذره وبقره وعمله، فما رزق الله تعالى في ذلك من شيء فهو بينهما نصفان، على أن يَكْرِي (١) المزارع العامل أنهارها، فهذه مزارعة فاسدة. فإن عمل المزارع على هذا وكَرَى الأنهار فأخرجت الأرض زرعاً كثيراً، فهو كله لصاحب البذر، ولصاحب الأرض أجر مثل أرضه، ولصاحب البذر أجر مثل عمله، وكَرْي الأنهار على رب الأرض؛ لأنه إنما أكرى الأنهار لصاحب الأرض، ولم يكرها لنفسه. ولو كان كَرَاها لنفسه بغير شرط كان من رب الأرض كانت المزارعة جائزة، ولم يكن له أجر في كَرْيِها. وكذلك لو كان رب الأرض اشترط على المزارع العامل إصلاح مُسَنَّيَاتِها (٢) كان هذا واشتراطه كَرْي الأنهار سواء.

ولو كان البذر من قبل رب الأرض، والمسألة على حالها في اشتراط رب الأرض على المزارع العامل كَرْي الأنهار وإصلاح المُسَنَّيَات، كانت هذه مزارعة فاسدة، والزرع كله لصاحب البذر، ولصاحب العمل أجر مثله في عمله في الزرع، وأجر مثله في عمله في كَرْي الأنهار وإصلاح المُسَنَّيَات.

وإذا دفع الرجل إلى الرجل أرضاً يزرعها سنته هذه ببذره وعمله فما أخرج الله تعالى من شيء فهو بينهما نصفان، واشترط المزارع العامل على رب الأرض كَرْي الأنهار حتى يأتيه الشِّرْب وإصلاح المُسَنَّيَات فهذا جائز، والمزارعة على ما اشترطا عليه، وما أخرجت الأرض من شيء فهو بينهما نصفان على ما اشترطا عليه، وعليه كَرْي الأنهار حتى يأتيه الشِّرْب وإصلاح المُسَنَّيَات. ولا يشبه اشتراط المزارع هذا على (٣) رب


(١) كرى النهر كرياً: حفرها للإصلاح، كما تقدم.
(٢) هي السدود، كما تقدم.
(٣) ز - على.

<<  <  ج: ص:  >  >>