للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يغنيه عن السجدة، لأن الركوع والسجدة واحد في القياس. وقد فسر قوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعًا} [ص: ٢٤] (١) بأنه خر ساجداً (٢). أما في الاستحسان فينبغي أن لا يغني الركوع عن السجدة. ولكن رجح علماء المذهب القياس هنا (٣). وقد فسر السرخسي هذا الأمر بأن الاستحسان قياس في الحقيقة، فالحادث هنا هو ترجيح أحد القياسين على الآخر. وفصل في شرح المسألة وبيان وجه القياس والاستحسان (٤). وهناك مواضع أخرى رجح فيها القياس على الاستحسان (٥). وقد نبه فقهاء الأحناف على المسائل التي رجح فيها القياس على الاستحسان وعدها بعضهم اثنتين وعشرين مسألة (٦). وينبغي التنبه هنا إلى أن أئمة المذهب متفقون في هذه المسائل على ترجيح القياس على الاستحسان، أما المسائل التي رجح فيها بعضهم القياس وبعضهم الاستحسان فهي كثيرة جداً كما تقدمت الإشارة إلى ذلك.

[ح - العرف]

إن العرف مراعى في كتاب الأصل. ففي كثير من مواضيع الفقه يوجد تأثير بارز للعرف القولي والعملي. حتى أن العرف قد سمي "سنَّة" في موضع (٧). والسنَّة مستعملة بمعناها اللغوي هنا كما هو واضح. ويمكن رؤية أمثلة على مراعاة العرف في تحديد سعر الشيء، ومعنى الأيمان، وكون خيار الشرط عرفاً في بعض العقود، والآلات التي ينبغي أن يوفرها رب العمل للعامل، ومن يستحق الأجر في تعليم العامل المبتدئ. وللتعبير عن العرف يستعمل الشيباني ألفاظاً مثل "يُعْرَف، بالمعروف، عَمَلُ الناس، ما


(١) سورة ص ٢٤/ ٣٨.
(٢) فسر ابن عباس ومجاهد الآية بذلك. انظر: جامع البيان للطبري، ٢٣/ ١٤٦ - ١٥٠؛ الدر المنثور للسيوطي، ٧/ ١٥٦ - ١٦٤.
(٣) الأصل للشيباني، ١/ ٦١ و.
(٤) المبسوط للسرخسي، ٢/ ٨ - ٩.
(٥) الأصل للشيباني، ١/ ٦١ و، ٢١٨ و، ٢/ ٢٤ ظ، ٣/ ٤٢ و، ٤/ ١٠٩ و، ٨/ ١٧٨ ظ، ٢١٠ و.
(٦) "عقود رسم المفتي"، مجموعة رسائل ابن عابدين، ١/ ٣٥.
(٧) الأصل للشيباني، ٢/ ٧٣ و.

<<  <  ج: ص:  >  >>