للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من الإكراه على دفع المال وأخذه وهو يريد غير ما أخذ عليه]

ولو أن لصا غالباً أكره رجلاً بتهدد بقتل أو قطع أو ضرب يخاف منه تلف حتى أعطى رجلاً ماله ظلماً، وأكره الآخر أيضاً بمثل ذلك حتى يقبضه منه وديعة، فقبض ذلك المستودع، فهلك المال عنده، فلا ضمان عليه، لأنه لم يأخذه ليذهب به (١)، وإنما أخذه ليرده على صاحبه، وهو مكره في أخذه. فإن هلك في يدي (٢) المستودع قبل أن يدفعه (٣) إلى صاحبه كان لصاحب المال أن يضمن الذي أكرهه، ولا ضمان له على الذي قبض المال؛ لأنه لم يستهلكه.

فإن قال قائل: وكيف (٤) لا يضمن وقد قبضه بغير أمر صاحبه؟

قيل له (٥): لأنه مكره على قبضه، فهذا عذر؛ ألا ترى أن رجلاً لو هلك منه مال أو أبق منه عبد فأخذه رجل وأشهد أنه يأخذه ليرده على صاحبه لم يكن عليه ضمان إن هلك عنده. فهذا قد أخذ المال بغير أمر من صاحبه، فكذلك هذا، والمكره أحسنهما حالاً.

ولو كان الذي أكرههما على هذا لم يكره القابض على أن يأخذه وديعة لصاحب المال، ولكنه أكرهه على أن يأخذه ليدفعه إلى الذي أكرههما، فلما قبضه المكره على قبضه ضاع منه فلا ضمان عليه أيضاً، فإن كان قد قبضه على ما ذكرت، إذا حلف المكره على قبض المال بالله ما أخذه ليدفعه إليه طائعًا، وما أخذه إلا ليرده إلى صاحبه إلا أن يكره على دفعه، فلا ضمان عليه إذا حلف على ذلك.

ولو أن الذي أكرههما لم يكرههما على ما وصفت لك، ولكنه أكره


(١) ف: ليذهبه.
(٢) ز: في يد.
(٣) م ف: أن يرفعه.
(٤) م: كيف.
(٥) ف - له.

<<  <  ج: ص:  >  >>