للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأحاديث النبوية يرى الشيباني عدم دلالتها على الوجوب (١). ويستدل الشيباني على عدم دلالة الأمر على الوجوب ودلالته على الندب بحديث آخر أو بعمل الصحابة في ذلك الموضوع. فمثلاً غسل يوم الجمعة وإن أمر به في حديث فإنه في حديث آخر ذكر أنه أفضل، والصحابة لم يروه واجباً، ثم ينقل الشيباني كلام النخعي المذكور (٢). وفي موضع يفسر الشيباني الأمر الوارد في الحديث بالإباحة، مثل الأمر الوارد بشرب بول الإبل للتداوي (٣). وهناك أمثلة أخرى على استعمال صيغ الأمر الواردة في الأحاديث وأقوال الصحابة بمعنى الإباحة (٤). وبعد التأمل في مجموع ما سبق يمكن القول بأن الأمر يفيد الوجوب، إلا أن القرائن قد تصرفه إلى الندب أو الإباحة. والأصوليون الأحناف على هذا الرأي (٥).

[ب - الأمر بالشيء نهي عن ضده]

توجد عبارات في الأصل تفيد بأن الأمر بالشيء نهي عن ضده. فمثلاً الأمر الوارد في التطليق مع مراعاة العدة قد أفاده الشيباني على أنه نهي عن فعل ضده (٦). وأكثر الأصوليين الأحناف على هذا الرأي (٧).

[ج - دلالة النهي على الفساد]

موضوع النهي هل يقتضي الفساد أم لا قد تطرق إليه الشيباني في


(١) الأصل للشيباني، ٣/ ١٥ ظ - ١٦ و، ١٨ ظ.
(٢) الحجة للشيباني، ١/ ٢٧٩ - ٢٨٢.
(٣) الأصل للشيباني، ١/ ١١ و. وقد اختلف أئمة المذهب في هذه المسألة، فلم يعمل أبو حنيفة بهذا الحديث، وقبله أبو يوسف مقتصراً على التداوي، وقبله الشيباني على عمومه. انظر: الأصل للشيباني، ١/ ٥ و، المبسوط للسرخسي، ١/ ٥٤.
(٤) الأصل للشيباني، ٣/ ٢٠٣ و، ٢٠٣ ظ، ٢٠٤ و، ٦/ ٨١ و.
(٥) أصول السرخسي، ١/ ١٥؛ التوضيح لصدر الشريعة، ١/ ١٥٣؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، ١/ ٣٤١، ٣٤٢.
(٦) الأصل للشيباني، ٣/ ٢٥ ظ.
(٧) تيسير التحرير لأميرِ بادشاه، ١/ ٣٤١، ٣٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>