للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كنتُ على حال يتهيأ لك الدخول فيها أذنت لك بنفسي، وإن كنت على غير ذلك أسكت، فانصرفت. فكنت آتيه بعد ذلك والناس على بابه فأتخطاهم وأتخطى حُجّابهم حتى أصل إلى ستره فأتنحنح وأسلم، فيقول: ادخل يا أبا محمد، فأدخل، أو يمسك فأنصرف" (١). وقد أراد المأمون أن يوليه قضاء مصر، فأبى (٢).

[ز - عيسى بن أبان بن صدقة، أبو موسى (ت. ٢٢١)]

صحب محمد بن الحسن الشيباني وتفقه به. واستخلفه يحيى بن أكثم على القضاء بعسكر المهدي. ثم تولى عيسى القضاء بالبصرة فلم يزل عليه حتى مات (٣). وقد كان عيسى بن أبان كارهاً لأهل الرأي في أول أمره. قال محمد بن سماعة: "كان عيسى بن أبان حسن الوجه، وكان يصلي معنا، وكنت أدعوه أن يأتي محمد بن الحسن، فيقول: هؤلاء قوم يخالفون الحديث. وكان عيسى حسن الحفظ للحديث. فصلَّى معنا يوماً الصبح، وكان يوم مجلس محمد. فلم أفارقه حتى جلس في المجلس. فلما فرغ محمد أدنيته إليه وقلت: هذا ابن أخيك أبان بن صدقة الكاتب، ومعه ذكاء ومعرفة بالحديث، وأنا أدعوه إليك فيأبى ويقول: إنا نخالف الحديث. فأقبل عليه وقال له: يا بني، ما الذي رأيتنا نخالفه من الحديث؟ لا تشهد علينا حتى تسمع منا. فسأله يومئذٍ عن خمسة وعشرين باباً من الحديث، فجعل محمد بن الحسن يجيبه عنها ويخبره بما فيها من المنسوخ ويأتي بالشواهد والدلائل. فالتفت إلي بعدما خرجنا، فقال: كان بيني وبين النور ستر فارتفع عني، ما ظننت أن في ملك الله مثل هذا الرجل يظهره للناس. ولزم محمد بن الحسن لزوماً شديداً حتى تفقه به" (٤).

[ح- يحيى بن معين (ت.٢٣٣)]

هو المحدث المشهور. قال ابن معين: كتبت الجامع الصغير عن


(١) الجواهر المضية، ١/ ٣٧٩ - ٣٨٠.
(٢) الجواهر المضية، ٢/ ١٧٧.
(٣) تاريخ بغداد، ١/ ١٥٧.
(٤) تاريخ بغداد، ١/ ١٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>