للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب من الإكراه على ما يجعل الرجل لله على نفسه فيلزمه وعلى الإيلاء]

ولو أن لصاً غالباً أكره رجلاً حتى جعل على نفسه صدقة لله أو صوماً أو حجاً أو عمرة أو غزوا في سبيل الله أو بدنة أو شيئاً يتقرّب به إلى ربه، فتهدّده بقتل أو تلف أو غيره حتى أوجب ذلك على نفسه لله، فهو واجب عليه كله. وهذا عندنا بمنزلة الطلاق والعتاق، يكره عليه؛ لأن الطلاق والعتاق فيه تحريم فرج إن كانت امرأة أو أمة، وفيه عتق عبد وتحريم خدمته وأكل ماله، فصار هذا وما أوجب لله على نفسه سواء. وكذلك لو أكرهه على أن يجعل على نفسه المشي إلى بيت الله تعالى، أو حلف بذلك على شيء يقدر على أن يفعله أو لا يقدر، أو أكرهه على (١) أن يحلف بشيء من هذا على يمين معصية أوطاعة أوعلى أمر يخاف فيه التلف على نفسه من ترك الطعام أو الشراب أو غير ذلك، فحلف على ذلك بإكراه بالقتل أو بغيره، ثم حنث في يمينه، وجب عليه جميع ما أوجب على نفسه من ذلك. ألا ترى أنه لو أكرهه حتى حلف بالله لا يكلم فلاناً ثم كلمة حنث ووجبت عليه الكفارة. وكذلك لو استحلفه بقسم أو غيرها وجب عليه ما حلف عليه من ذلك. وكذلك لو أكرهه بوعيد بقتل أو غيره حتى يظاهر من امرأته كان مظاهرًا لا (٢) يقربها حتى يكفّر؛ فإن أجبره على أن يكفّر ففعل لم يرجع بذلك على الذي أكرهه؛ لأن هذا أمر يلزمه فيما بينه وبين الله تعالى. فإن أكرهه على عتق عبد له بعينه حتى أعتقه عن ظهاره، فإن كان أكرهه بتوعد بقتل أو ضرب يخاف منه تلف كان العبد حراً، وضمن الذي أكرهه قيمته ولم يجزه من الكفارة. فإن قال: أعتقته حين أكرهني وأنا أريد به كفارة الظهار ولم أعتقه لإكراهه، أجزأه من كفارة الظهار، ولم يكن له على الذي أكرهه قيمة العبد (٣). فإن قال: أردت به


(١) ف - على.
(٢) م: الا.
(٣) م ف ز - العبد. والزيادة من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>