للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيباني (١). ويفيد الجصاص بأن هذه القراءة مع كونها شاذة لكنها مشهورة في ذلك العهد، وأنه ينبغي النظر إليها على أنها لفظة منسوخة اللفظ باقية الحكم، وأنه يجوز تقييد مطلق القرآن بالخبر المشهور (٢). والسرخسي يرى أن الواقع هنا الزيادة على النص بالخبر المشهور (٣).

ج - السنَّة

[١ - المصطلحات]

إن كلمة "السُّنّة" تستعمل في بعض الأحاديث المروية في الأصل. فالحديث الذي روي في موضوع أخذ الجزية من المجوس بلفظ: "سنوا بهم سنة أهل الكتاب دا (٤)، وسؤال أحد الصحابة للنبي - صلى الله عليه وسلم - في مسألة فقهية عن "السنَّة" فيها (٥)، يدل على استعمال كلمة السنَّة بمعنى التطبيق العام، والحكم الذي ينبغي اتباعه، والمثال المحتذى أو القانون نوعاً ما إن صح التعبير. وروي عن عمر بن الخطاب أنه هم بإيقاع عقوبة ثم عدل عن ذلك قائلًا: "لولا أن تكون سنَّة من بعدي … " (٦). كما يذكر الشيباني أن القاضي إذا حلّف المتلاعنين ثلاث مرات فقط والمعروف في الآيات والأحاديث المتعلقة باللعان أن عدد الأيمان فيه خمس مرات فإنه يكون قد خالف السنَّة، ولكن التفريق بين الزوجين صحيح ماض (٧). يمكننا أن نستنتج مما سبق ما يلي: السنَّة التي تستعمل بمعنى التطبيق العام في ذلك العهد يمكن أن يكون مصدره القرآن والأحاديث معاً (٨). إن السنَّة هي الشكل الأمثل في تطبيق الحكم، لكن هذا الشكل قد لا يكون شرطاً لصحة الحكم. من ناحية أخرى


(١) الأصل للشيباني، ١/ ١٣٩ و؛ نفس المؤلف، الآثار، ص ١٢٣. وانظر: تقويم الأدلة للدبوسي، ص ٢١.
(٢) الفصول للجصاص، ١/ ١٩٨، ٢/ ٢٥٤.
(٣) أصول السرخسي، ٢٦٩١١، ٢٨١، ١١٢ هـ
(٤) الأصل للشيباني،١/ ١٦٨ ظ.
(٥) الأصل للشيباني، ٤/ ١٥١ و.
(٦) الأصل للشيباني، ٥/ ٧٣ ظ.
(٧) الأصل للشيباني، ٣/ ٩٣ ظ - ٩٤ و.
(٨) وقد وصف التفريق الذي يحكم به القاضي بسبب اللعان بأنه سنَّة في موضع آخر أيضاً. انظر: الأصل للشيباني، ٨/ ٢١٧ ظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>