للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢ - الأدلة الشرعية]

[أ - مصادر التشريع وترتيبها]

يذكر الإمام محمد في كتاب أدب القاضي الأحاديث وأقوال الصحابة التي تشكل أساس فهمه لمصادر التشريع. وتجدر الإشارة إلى أن كتاب أدب القاضي مفقود في الأصل، لكنه موجود في الكافي للحاكم الشهيد باختصاره. وعلى رأس هذه الروايات حديث معاذ المشهور، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين بعثه إلى اليمن: "بمَ تقضي يا معاذ؟ " قال: بما في كتاب الله. قال: "فإن لم تجد في كتابَ الله؟ " قال: أقضي بما قضى به رسول الله. قال: "فإن لم تجد ذلك فيما قضى به رسول الله؟ " قال: أجتهد رأيي. قال: "الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله " (١). فالمصادر هنا بتقرير الرسول عليه الصلاة والسلام القرآن والسنَّة واجتهاد الرأي.

يروي الشيباني في بداية كتاب أدب القاضي رسالة عمر - رضي الله عنه - في القضاء إلى أبي موسى الأشعري. في هذه الرسالة يقسم عمر الأحكام إلى قسمين قائلًا: "القضاء فريضة محكمة وسنَّة متبعة" (٢). والمقصود هنا بقوله: "فريضة محكمة" الأحكام الثابتة بالكتاب والسنَّة على وجه قطعي لا يحتمل النسخ أو التخصيص أو التأويل، وبقوله: "سنَّة متبعة" الطريقة المسلوكة في الدين التي يجب اتباعها على كل حال (٣). وفي دوام الرسالة: "الفهم الفهم فيما يختلج في صدرك مما لم يبلغك في الكتاب والسنَّة، واعرف الأمثال والأشباه، وقس الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها إلى الله تعالى وأشبهها بالحق فيما ترى" (٤). فالقرآن والسنَّة هما المصدران الأساسيان، ويجب اتباع الأحكام الواردة فيهما أولياً. وإذا حدثت مسألة لا يوجد حكمها


(١) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٦ و.
(٢) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٥ ظ.
(٣) المبسوط للسرخسي، ١٦/ ٦٠.
(٤) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٥ ظ - ٢١٦ و.

<<  <  ج: ص:  >  >>