للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في هذين المصدرين فيجب إيجاد حل لها بالقياس على نظائرها الموجودة فيهما (١).

وروى الشيباني أيضاً عن عمر بن الخطاب أنه دعى قاضياً كان على الشام حديث السن، فقال له: "بم تقضي؟ قال: أقضي بما في كتاب الله. قال: فماذا لم تجد ذلك في كتاب الله؟ قال: أقضي بما قضى به رسول الله. قال: فإذا لم تجد فيما قضى به رسول الله؟ قال: أقضي بما قضى به أبو بكر وعمر. قال: فإذا لم تجد في قضائهم. قال: أجتهد رأي. فقال له عمر: أنت قاضيها" (٢). ويقول السرخسي شارحاً بأن اتباع أبي بكر وعمر مما أوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - وأن الصحابة كانوا يطلقون لفظ "السنَّة" على تطبيقاتهما (٣). لكن يفيد الأصوليون الأحناف بأنه إذا وقع الخلاف بين أبي بكر وعمر - رضي الله عنه - وبين الصحابة الآخرين في مسألة فإنه لا يجب اتباعهما مطلقاً (٤). ويذكر السرخسي أن اجتهاد الرأي هنا معناه القياس، وأن هذه الرواية تثبت حجية القياس (٥).

وروى الشيباني عن ابن مسعود قال: "لقد أتى علينا زمان ولسنا نُسأل ولسنا هناك. ثم بلغنا من الأمر ما ترون. فمن ابتلي منكم بقضاء فليقض بما في كتاب الله -عَزَّ وَجَلَّ-. فإن لم يجد في كتاب الله فليقض بما قضى به رسول الله. فإن لم يجد فيما قضى رسول الله فليقض بما قضى به الصالحون. فإن لم يجد ذلك فليجتهد رأيه، ولا يقولن: إني أرى وإني أخال. فإن الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهة، فدع ما يريبك إلى ما لا يريبك" (٦).


(١) المبسوط للسرخسي، ١٦/ ٦٢ - ٦٣.
(٢) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٦ و.
(٣) المبسوط للسرخسي، ١٦/ ٦٨؛ أصول السرخسي، ١/ ١١٤.
(٤) أصول السرخسي، ٢/ ١٠٦ - ١٠٧، ١١٦. وللتفصيل في حجية أقوال أبي بكر وعمر والصحابة عموماً انظر: كشف الأسرار لعبد العزيز البخاري، ٣/ ٤٠٦ - ٤٢٢.
(٥) المبسوط للسرخسي، ١٦/ ٦٨.
(٦) الكافي للحاكم الشهيد، ١/ ٢١٦ و.

<<  <  ج: ص:  >  >>