للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبي يوسف تراه واضحاً في العقيدة الطحاوية التي يرويها الطحاوي عنهم. كما يرى ذلك في مؤلفات الإمام أبي حنيفة، الفقه الأكبر وغيره. والحامل على ذلك كله التعصب الناشئ عن عدم التروي والبحث. كان هناك بعض المنتسبين إلى الحنفية ممن يذهب إلى تلك الآراء، لكن الأئمة أنفسهم برآء من ذلك. وقد صرح بذلك أبو سليمان الجوزجاني ومعلى بن منصور الرازي حيث قالا: "ما تكلم أبو حنيفة ولا أبو يوسف ولا زفر ولا محمد ولا أحد من أصحابهم في القرآن، وإنما تكلم في القرآن بشر المريسي (١) وابن أبي دؤاد، فهؤلاء شانوا أصحاب أبي حنيفة" (٢).

[٩ - منزلته في العلم من خلال أقوال العلماء]

قال الشافعي: "ما رأيت أفصح من محمد بن الحسن، كنت إذا رأيته يقرأ كأن القرآن نزل بلغته" (٣). وقال: "ولو أشاء أن أقول: نزل القرآن بلغة محمد بن الحسن لقلت لفصاحته" (٤). قال الشافعي: "كان محمد بن الحسن الشيباني إذا أخذ في المسألة كأنه قرآن ينزل عليه لا يقدم حرفاً ولا يؤخر" (٥). قال الربيع بن سليمان: "وقف رجل على الشافعي فسأله عن مسألة فأجابه، فقال له الرجل: يا أبا عبد الله، خالفك الفقهاء. فقال له الشافعي: وهل رأيت فقيهاً قط اللَّهم إلا أن تكون رأيت محمد بن الحسن، فإنه كان يملأ العين والقلب، وما رأيت مبدناً قط أذكى من محمد بن الحسن" (٦).


(١) هو بشر بن غياث المريسي البغدادي المعتزلي، من تلامذة أبي يوسف، فقيه متكلم، انتُقِد كثيراً بسبب دخوله في الكلام، وله أقوال في المذهب الحنفي. انظر: القرشي، الجواهر المضية، ١/ ٤٤٧ - ٤٥٠.
(٢) تاريخ بغداد، ١٣/ ٣٨٣.
(٣) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٥؛ وتعجيل المنفعة، ٣٦١.
(٤) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٥؛ وسير أعلام النبلاء، ٩/ ١٣٥.
(٥) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٦.
(٦) تاريخ بغداد، ٢/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>