للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جمع معرف بلام التعريف يفيد العموم، والآية المتأخرة قد خصصت عموم الآية المتقدمة، ولفظ "جملة" تفيد معنى "عموم". ولعل استعمال عيسى بن أبان الذي هو تلميذ للإمام محمد لكلمة "المجمل" بمعنى "العام" مأخوذ من هنا (١). كما يقبل الشيباني تخصيص القرآن بالسئة المشهورة (٢).

يذهب الشيباني إلى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا بين حكماً في مسألة يمكن أن يكون لها تفاصيل ولم يسأل عن هذه التفاصيل فإن الحكم يكون عاماً لكل وجوه المسألة (٣). وقد ناقش الأصوليون هذه المسألة المعروفة بترك الاستفصال ودلالتها على العموم، وقبلها الحنفية في بعض الأحوال (٤).

ينقل الجصاص عن السير الكبير للشيباني هذه العبارة: "لا يجزيه (أي المحصر) غير الهدي، لأن الله تعالى نص عليه ولم يذكر فيه صوماً لمن لم يجد. فنحن نبهم ما أبهم الله تعالى. وإنما ذكر الله تعالى الصوم في هدي المتعة لمن لم يجد. فلا يستقيم الرأي والقياس في التنزيل. إنما يقاس على التنزيل. فأما التنزيل بعينه فلا يقاس" (٥). ويستنتج الجصاص من هذا أن الشيباني يستدل بعموم الآيات، وأن الحكمين الثابتين بنصين مختلفين لا يقاس بعضهما على بعض، وأن العام غير المخصوص لا يجوز تخصيصه بالقياس (٦).

[٣ - دلالة الإشارة]

يسمي الشيباني استنباط حكم من آية عن طريق دلالة الإشارة بالتأويل (٧). وهناك أمثلة أخرى على الاستنباط عن طريق دلالة الإشارة من


(١) الفصول للجصاص، ١/ ٦٣.
(٢) الحجة للشيباني، ٢/ ٤٠٠.
(٣) الحجة للشيباني، ٢/ ١٧١.
(٤) البحر المحيط للزركشي، ٣/ ١٤٨ - ١٥٤؛ تيسير التحرير لأمير بادشاه، ١/ ٢٦٣ - ٢٦٤.
(٥) الفصول للجصاص، ١/ ٢١١.
(٦) الفصول للجصاص، ١/ ٢١٢ - ٢١٤.
(٧) الحجة للشيباني، ٢/ ٤٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>